رحلة عميقة في عالم جهوية

الجهوية مصطلح متعدد الدلالات يُستخدم في الخطاب الاجتماعي والسياسي والإداري للدلالة على مفاهيم متباينة بحسب السياق. ففي الاستخدام الاجتماعي والسياسي، تشير الجهوية إلى نوع من الولاء أو الانتماء الضيق لمنطقة جغرافية معينة، كقبيلة أو محافظة أو إقليم، على حساب الهوية الوطنية الجامعة. وقد تتجلى هذه الجهوية في التفضيل المناطقي أو التحيز في التوظيف أو السياسة أو التمثيل الاجتماعي، مما يؤدي أحيانًا إلى مظاهر التمييز أو التوتر بين مكوّنات الدولة الواحدة، لاسيما حين تُوظّف هذه النزعة لأغراض فئوية أو انتخابية أو انفصالية.

وفي مقابل هذا المعنى السلبي، يُستخدم مصطلح الجهوية أيضًا للدلالة على نظام إداري حديث يُعرف بـ«الجهوية الموسعة» أو «الجهوية الإدارية»، ويعني تقسيم الدولة إلى وحدات ترابية (جهات أو أقاليم) تتمتع بقدر من الاستقلال الإداري والمالي، وتُناط بها مهام التخطيط المحلي والتنمية الجهوية. وتُعد الجهوية بهذا المعنى وسيلة من وسائل تطبيق اللامركزية، حيث تتوزع بعض صلاحيات الحكومة المركزية على المجالس الجهوية المنتخبة أو المعيّنة، دون أن يُفضي ذلك بالضرورة إلى إضعاف سلطة الدولة المركزية.

ويُنظر إلى الجهوية الإدارية على أنها خيار تنموي وإصلاحي يهدف إلى معالجة التفاوتات المجالية داخل الدولة، وتحقيق عدالة توزيع الموارد، وتفعيل المشاركة المحلية في اتخاذ القرار. وقد اعتمدت بلدان عديدة هذا النموذج بنجاح، لا سيما في أوروبا الغربية، كما في التجربة الفرنسية منذ السبعينات، والتجربة الإسبانية التي منحت الأقاليم سلطات موسعة في إطار الدولة الموحدة. ومع ذلك، فإن الجهوية – سواء الاجتماعية أو الإدارية – قد تُثير إشكالات سياسية أو قانونية إذا لم تُضبط بضوابط قانونية ومؤسسية تضمن وحدة الدولة وتكافؤ المواطنين. إذ يمكن للجهوية، إذا ما تحولت إلى ولاء مناطقي حصري، أن تغذي النزعات الانفصالية أو تضعف التضامن الوطني، وهو ما يدفع بعض الدول إلى الحذر في تبني النماذج الجهوية، أو تقييدها بإشراف مركزي صارم.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←