التوحد (بالإنجليزية: Autism) كما يُعرف باسم الذاتوية أو اضطراب التوحد الكلاسيكي. (ويَستخدم بعض الكتّاب كلمة «توحد أو ذاتوية» عند الإشارة إلى مجموعة من اضطرابات طيف التوحد أو مختلف اضطرابات النمو المتفشية)، هو اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. وتتطلب معايير التشخيص ضرورة أن تصبح الأعراض واضحة قبل بلوغ الطفل ثلاث سنوات من العمر. ويؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في المخ وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها، إلا أن كيفية حدوث ذلك غير مفهوم تماماً حتى الآن. ويعتبر التوحد واحدًا من بين ثلاثة اضطرابات تندرج تحت طيف التوحد (ASDs)، ويكوّن الاضطرابان الثاني والثالث معًا متلازمة أسبيرجر، التي تتميز بتأخر النّمو المعرفي واللّغوي لدى الطّفل، أو ما يعرف باضطراب النمو المتفشي ويُشَّخَص في حالة عدم توفر معايير تشخيص مرض التوحد أو متلازمة أسبرجر.
وللتوحد أسس وراثية قوية، على الرغم من أن جينات التوحد معقدة، ومن غير الواضح ما إذا كان يمكن تفسير سبب التوحد من خلال الطفرات النادرة وحدها، أم من خلال تظافر مجموعات نادرة من المتغيرات الجينية المشتركة. وفي بعض الحالات النادرة، يرتبط التوحد ارتباطاً وثيقاً مع العوامل المسببة للتشوهات الخلقية. وتحيط الخلافات بالمسببات البيئية الأخرى، مثل المعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية أو لقاحات الطفولة، ولا يمكن تصديق افتراض اللقاح بيولوجيًا؛ لقلة الأدلة العلمية المُقنعة.
ويصاب بمرض التوحد حوالي 1-2 من كل 1000 شخص في جميع أنحاء العالم، وهو يحدث بمعدل أربعة إلى خمسة أضعاف في الذكور عنه في الإناث. وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه أُصِيبَ 1.5% من أطفال الأمم المتحدة (واحد من كل 68) بالتوحد، وذلك اعتبارًا من عام 2014، بزيادة بلغت نسبتها 30% عن عام 2012، حيث كان يصاب فرد من كل 88. وقد ازداد عدد الأشخاص الذين شُخِّصُوا زيادة كبيرة منذ الستينيات، وهو ما قد يكون جزئيًّا بسبب التغيرات في الممارسة التشخيصية وإلى الحوافز المالية التي خصصتها الدول لتحديد أسبابه. ومسألة ما إذا كانت المعدلات الفعلية قد ازدادت أم لا، ما تزال دون حل إلى الآن.
وعادة ما يُلاحظ الآباء مؤشرات التوحد في العامين الأولين من حياة الطفل. وتتطور هذه المؤشرات تطورًا تدريجيًا، ولكن بعض الأطفال المصابين بهذا المرض يتطورون في النمو بشكل أكثر من الطبيعي ثم يبدأون في التراجع أو التدهور. وتساعد التدخلات السلوكية والمعرفية والتخاطبية الأطفال المصابين بالتوحد على اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والمهارات الاجتماعية ومهارات التواصل. وعلى الرغم من عدم وجود علاج معروف، إلا أن هناك تقارير عن حالات شُفِيَت. ولا يستطيع الكثير من الأطفال الذين يعانون من هذا المرض العيش بشكل مستقل بعد بلوغ سن الرشد، لكن بعضهم استطاع ذلك فعلاً. وقد تطورت ثقافة التوحد، فأصبح هناك بعض الأفراد الذين يسعون إلى تلقي العلاج، وغيرهم الذين يؤمنون بأنه ينبغي قبول المصابين بالمرض واعتبارهم مختلفين وعدم التعامل معهم على أنهم يعانون من اضطرابات.
على المستوى العالمي، تُفيد التقديرات أن مرض التوحد يؤثر على 24.8 مليون شخص اعتبارًا من عام 2015. في العِقد الأول من القرن العشرين، قُدّرت نسبة الأشخاص المتأثرين عالمياً بـ 1-2 لكل 1000 شخص في جميع أنحاء العالم. في البلدان المتقدمة، يُشَّخَص نحو 1.5% من الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد اعتبارا من عام 2017. وذلك بزيادة من نسبة 0.7% في عام 2000 في الولايات المتحدة.