الدولة الإسلامية او باسمه السابق الدولة الإسلامية في العراق والشام أو باختصار داعش،، هو تنظيم مسلح يتبع الفكر السلفي الجهادي، تأسس في العراق عام 2003 على يد أبو مصعب الزرقاوي تحت اسم «جماعة التوحيد والجهاد» وتطور لاحقاً ليعرف بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أعلن التنظيم قيام «الخلافة الإسلامية» في يونيو 2014، وسيطر على مساحات شاسعة في العراق وسوريا حتى تراجع نفوذه عام 2017. وانتشر نشاطه انتشاراً محدوداً في ليبيا، سيناء، اليمن وافريقيا وباكستان وغيرها. يصنف تنظيماً إرهابياً عند العديد من الدول والمنظمات الدولية، وقد أثار الجدل بسبب العديد من مواقفه الفكرية والسياسية، كوصفه للمقاومة الفلسطينية بـ"رايات كفرية وان فلسطين ليست قضية المسلمين الاولى".
نال التنظيم اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا وذاع صيته لأول مرة عالميًّا، يوم الأحد 17 تشرين الأول/أكتوبر 2004، عندما أعلن أبو مصعب الزرقاوي بيعته مع من معه في «جماعة التوحيد والجهاد» لأسامة بن لادن - زعيم القاعدة آنذاك- على السمع والطاعة. مع اعتماد التسمية «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين»، كاسم للتنظيم الذي بات فرعًا رسميًّا لتنظيم القاعدة في العراق. كان دوره المشاركة في العمليات العسكرية ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة والحكومات العراقية المتعاقبة، في أعقاب غزو العراق، وخلال حرب العراق. وذلك جنبًا إلى جنب مع غيره من الجماعات السُّنية المسلحة، في تحالف أُسِّس باسم «مجلس شورى المجاهدين» دام بضعة أشهر. كان تمهيدًا لظهور تنظيم أكبر، دمَج الفصائل المتحالفة تحت قيادة واحدة، وحدث ذلك في نهاية عام 2006، حيث أعلن مجلس شورى المجاهدين عن تأسيس إمارة سُنّية، عُرفت باسم «دولة العراق الإسلامية» ودعا إلى مُبايعة أبو عمر البغدادي كأمير للمؤمنين، وتم تعيين محارب الجبوري كوزير الإعلام (متحدث رسمي)، وأبو حمزة المهاجر كوزير حرب. الأمر الذي واجه رفضًا كبيرًا من بعض الفصائل السنية المُقاتلة، والتي اشتبكت ضدَّ التنظيم.
كان للتنظيم علاقة جيّدة مع تنظيم القاعدة حتى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، عندما أعلن أبو بكر البغدادي، الذي تمَّ تعيينه سنة 2010 قائدًا خلفًا لأبو عمر البغدادي إثر مقتله؛ عن إلغاء «دولة العراق الإسلامية» (فرع القاعدة في العراق بنَظر الظواهري) و«جبهة النصرة لأهل الشام» (فرع القاعدة في سوريا) ودمج التنظيمين في تنظيم واحد باسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». الأمر الذي رفضه أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ليُصدر على إثره أمرًا بإلغاء إندماجهم، وإلزام كل تنظيم بمكانه الجغرافي. موضّحًا أن البغدادي قام بضم جبهة النصرة تحت قيادته العراقية، دون تلقي أوامر أو أخذ استشارة منه. فامتثل قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني لأوامر الظواهري، وانشق عن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». بينما قطعت جماعة البغدادي كل العلاقات مع تنظيم القاعدة، وأنكروا وجود أيّ ارتباط معهم منذ فكّ الارتباط سنة 2006. وقد وضَّح أبو محمد العدناني (المتحدث الرسمي لتنظيم الدولة) في كلمتان صوتيَّتان بعنوان «ما كان هذا منهجنا ولن يكون» و«عذراً أمير القاعدة»؛ أسباب الخلافات، ونفى كون جماعتهم كانت فرعًا تابعًا للقاعدة لكي تتلقى أوامر منها. ويعزى انفصال التنظيمين وقيادتهما عن بعضهما لأسباب عدة، ترتبط بنوعية العدو المستهدف، والاستراتيجية المتبعة في مواجهته، علاوة على اختلافات فقهية وفكرية بين التنظيمين، وذلك برغم تقاسمها الأهداف المتوخاة من ذلك. بعد ومرور سنتين من دخول عناصره الأراضي السورية عام 2012، توسع نفوذ التنظيم بشكل سريع ليشمل السيطرة على المناطق ذات الأغلبية السنية في سوريا، مثل؛ الرقة وإدلب ودير الزور وحلب.
يوم 29 حزيران/يونيو 2014، نشرت مؤسسة الاعتصام التابعة للتنظيم إصدارًا مرئيًّا بعنوان «كسر الحدود» ظهر فيه أبو محمد العدناني رفقة أبو عمر الشيشاني أعلنا فيه قيام الخلافة الإسلامية. وبناءً عليه تغير اسم التنظيم من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (يُختصر: داعش) إلى «الدولة الإسلامية»، مع تعيين أبو بكر البغدادي في منصب الخليفة. وحصل ذلك بعد سيطرتهم على مدن عديدة في العراق وسوريا وفتحهم جزءًا من الحدود بين البلدين. واعتمد التنظيم شعار «باقية وتتمدد» للتعبير عن التوسُّع الجغرافي غير المحدّد للحدود المادية للخلافة، بل أيضاً توسيع النفوذ العالمي بهدف تعزيز قابلية أفكار وعقيدة التنظيم الجديدة للبقاء والاستمرار. بحلول عام 2015، سافر ما يقرب من 40.000 فرد من أكثر من 120 دولة إلى العراق سوريا للقتال، وهاجر ما يقرب من 80% من هؤلاء المقاتلين للانضمام إلى صفوف داعش والعيش تحت حكم الخلافة. مع إعلان تنظيمات وجماعات دولية مسلحة مبايعة أبو بكر البغدادي، والتي أسست فروعًا للتنظيم سمِّيت بالولايات. كما حصل على دعم من العشائر في العراق بسبب التمييز الاقتصادي والسياسي ضد السنة العراقيين العرب. ففي أكتوبر 2014، سيطر فرع التنظيم في ليبيا علي مدينة درنة، شمال شرقي ليبيا والتي يقطنها حوالي 100.000 ساكن. ليتمكن مقاتلو مجلس شورى مجاهدي درنة في 15 حزيران/يونيو 2015، من هزم التنظيم واسترجاع المدينة. أما في مصر، سيطر تنظيم الدولة في سيناء يوم 1 تموز/يوليو 2015 على مدينة الشيخ زويد لفترة قصيرة قبل أن تتمكن التعزيزات البرية والقوات الجوية المصرية من استعادة المدينة. لاحقًا في 13 شباط/فبراير 2016، أعلن التنظيم سيطرته بالكامل على مدينة سرت الليبية. وفي 29 مارس 2021، سيطر فرع التنظيم في وسط إفريقيا على مدينة بالما الساحلية في موزمبيق، ليتمكن الجيش الموزمبيقي لاحقًا من استرجاع المدينة.
متمكنين من شبكات التواصل، أصبح التنظيم معروفًا بفيديوهات -إصدارات- قطع رؤوس مدنيين وصحفيين وأسرى، بتهمة محاربة التنظيم والتجسس. وتدمير مواقع تراثية بحجة أنها أصنام تُعبد من دون الله. كما قام ببيع قطع أثرية لتمويل نفقاته. حمَّلته الأمم المتحدة مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب، كما اتهمته منظمة العفو الدولية بشن حملة أعمال تطهير عرقي استهدفت الأقليات في شمال العراق. شجبت جامعات وشخصيات دينية إسلامية حول العالم ممارسات التنظيم وأفكاره، محاجّين بأن التنظيم حاد عن الصراط الحق للإسلام وأن ممارساته لا تعكس تعاليم الدين الحق أو قِيَمه، كما وصفوهم بالتكفيريين ونسبوهم إلى الخوارج. المملكة العربية السعودية كانت أول من أدرج التنظيم كمنظمة إرهابية، تلتها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، والولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وإندونيسيا، وإسرائيل، وتركيا، وسوريا، وإيران وبلدان أخرى. ولمنع تمدد التنظيم أعلنت الولايات المتحدة في سبتمبر 2014، تشكيل تحالف دولي مكون من 86 دولة شمل دولًا عربية وإسلامية وأجنبية من بينها السعودية وإيران، للقضاء على التنظيم. وقد دعا التنظيم أنصاره لاستهداف رعايا دول التحالف، الذي وصفه بـ "التحالف الصليبي"، فتم تنفيذ العديد من الهجمات المسلحة وعمليات الطعن والدهس في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وحسب عقيدة التنظيم الذي يرَى كفر وردّة الحكومات العربية وجيوشها والفصائل المحاربة له والشيعة (الذين يسميهم بالرافضة) وكل من يدعمهم من دول أجنبية وأفراد، فاستحل دمائهم ودعا أكثر من مرة إلى استهدفاهم. ففي عام 2015، قام التنظيم بتبنِّي 5 عمليَّات تفجير انتحارية لمساجد وحسينيات يحضرها الشيعة أثناء أداء الصلوات والمراسم الحسينية في كلٍّ من مدينة الكويت والقطيف والدمَّام، إضافة لتفجير أحد أسواق محافظة ديالى العراقية. كما تبنَّى عملية تفجير انتحاريّ في نقطة تفتيش في السعودية مُستهدفًا الشرطة السعودية، بالإضافة إلى قتل 38 سائح في أحد شواطئ مدينة سوسة التونسية، وعشرات الهجمات في أوروبا والولايات المتحدة. كما قامت ولاية عدن أبين المتفرعة من القاعدة وأنصار الشريعة والموالية لتنظيم الدولة بتفجير مساجد للشيعة في اليمن، أسفر أحدها عن مقتل 137 شخصًا على الأقل.
انسحب التنظيم من مدينة الفلوجة سنة 2016 بعد أن أعلن سيطرته عليها في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2013. تزامن ذلك مع فقدانه 45% من الأراضي التي كان يسيطر عليها ذات يوم في العراق و30-35% من المناطق المأهولة التي كانت يسيطر عليها ذات يوم في العراق وسوريا. فقد التنظيم مساحات شاسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في عام 2017، بعد هزيمته في معركة الموصل، على يد قوات الحكومة العراقية. ليفقد بعدها عدداً من القواعد العسكرية والمدن في العراق وسوريا. وظهر الرئيس الإيراني حسن روحاني في في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، على التلفزيون الرسمي، وادعى على الهواء مباشرة نهاية التنظيم. كما أصدرت في اليوم التالي وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا، حول ما وصفته بـ «إنهاء وجود الحكومة الإسلامية الوهمية في العراق والشام» مشيرةً إلى أن فصلا جديدا من فصول التحولات قد بدأت في منطقة غرب آسيا بعد تعاون قوى المقاومة مع دول المنطقة في محاربة الإرهاب والتطرف والجرائم الإنسانية بما يضع العالم أمام تجربة تاريخية في هذا المجال.
في يوم السبت 23 مارس 2019، فقد التنظيم سيطرته على الباغوز التي كانت آخر معاقله. وجاء ذلك بعد نحو 6 أشهر من معارك دارت بين معاقل التنظيم شرق الفرات وبين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة بقصف وغارات جوية من التحالف الدولي. حيث رفض مقاتلو التنظيم تسليم أنفسهم، فجاء قرار التحالف الدولي باقتحام مخيم الباغوز. مما أسفر بحسب منظمة الأمم المتحدة عن مقتل حوالي 50 مدنيّ و28 طفل، وإصابة العشرات معظمهم من الأطفال والنساء بجروح.