رحلة عميقة في عالم تنصير إيبيريا

تنصير إيبيريا (بالجورجية: ქართლის გაქრისტიანება, بالرومانية: kartlis gakrist'ianeba) هو انتشار المسيحية في أوائل القرن الرابع الميلادي إثر خطبة القديسة في مملكة كارتلي الجورجية القديمة، التي كانت تسمى إيبيريا في العصور الكلاسيكية القديمة (وليست هي شبه الجزيرة الإيبيرية)، صرّح بعدها الملك الذي كان وثنيًّا ميريان الإيبيري الثالث بأن المسيحية دين الدولة. يقول سوزومن إن هذا جعل «أمّة الملك الكبيرة المحاربة البربرية إلى الإقرار بالمسيح وترك دين آبائهم» إذ كان للجورجيين متعددي الآلهة أصنام قديمة شبيهة بالبشر، تُسمّى «آلهة كارتلي». ثم أصبح الملك الداعم والمهندس والمبادر والقوة التنظيمية الأولى في كل عمليات البناء. ويقول سقراط القسطنطيني إن «الإيبيريين اعتنقوا الدين المسيحي أوّلًا» مع الأحباش، ولكن الأرجح أن الكارتليين تنصروا بعد مملكة أرمينيا، جارتهم الجنوبية القديمة، التي اعتنقت الدين المسيحي رسميًّا. كان الملكان الأرميني والجورجي من أول من اعتنق المسيحية في العالم. قبل تصعيد التنافس الأرميني الجورجي الكنسي والخلافات الكنسية كانت مسيحيتهم القوقازية شاملة على نحو غير عادي، وكانت تعددية ومرنة ولم تشهد التراتب الكنسي الصارم إلا بعد حين، لا سيما مع ظهور الكنائس «الوطنية» من القرن السادس. وبرغم التنوع الضخم في المنطقة، فإن عملية التبشير كانت ظاهرة في كل المنطقة وكل الحضارات في القوقاز، وهي أشد مناطق أوراسيا طاقة وحركة في أواخر العصور القديمة، ويصعب جمع الجورجيين والأرمينيين في حضارة كبيرة واحدة جمعًا واضحًا. لعب يهود متسخيتا، وهي العاصمة الملكية لكارتلي، دورًا مهمًّا في تنصير المملكة، لأنهم دفعوا لتقوية الأواصر بين المملكة الجورجية والأرض المقدسة وإلى زيادة الحضور الجورجي في فلسطين، وهو ما تؤكده أنشطة بيتر الإيبيري ومهاجرين آخرين، وأقدم الأدلة على هذا النقوش الجورجية في بئر القط التي وجدت في صحراء يهوذا إلى جانب صورة حائطية للناصرة وسيناء.

كانت إيبيريا عاملًا في الدبلوماسية التنافسية بين الرومان والساسانيين، وكانت بين الحين والآخر تصبح لاعبًا كبيرًا في حروب الوكالة بين المملكتين. كان قرار الملك ميريان الثالث باعتناق المسيحية خيارًا ثقافيًّا تاريخيًّا له نتائج عالمية عميقة، لأن إيبيريا، وهي مملكة جورجية، كانت تشترك في كثير من المؤسسات والمفاهيم مع جيرانها الإيرانيين، إذ كانت أراضيها متصلة بالحكومة الإيرانية منذ الفترة الأخمينية، من خلال التجارة أو الحرب أو الزواج، ولكن هذا القرار لم يكن مرتبطًا بالمبادرات الدبلوماسية الرومانية. شرعت إيبيريا، التي ترجع أصولها المعمارية والفنية إلى الحضارية الأخمينية، منذ الفترة الهلينية إلى تنصّر الملك، في عملية جديدة عديدة المراحل استغرقت قرونًا لتكتمل، شملت القرن الخامس والسادس جميعًا، وأوائل القرن السابع، وهو ما أدّى إلى نشوء هوية جورجية قوية.

عشيّة التنصّر التاريخي، جمع الملك والملكة سريعًا الأجانب الذين أُدمجوا في جورجيا، وهم مزيج من الحضارتين الإيرانية والإغريقية، والقديسة نينو، وهي أجنبية أيضًا، وأول أسقفين في كارتلي، وهم غرباء أيضًا، والإغريقيين الذين أرسلهم الإمبراطور قسطنطين الأكبر، ليتحدوا تحت الحضارة الجورجية. ولم يبلغ الجورجيون المناصب العليا في الكنيسة إلا في النصف الأول من القرن السادس، أما الأجانب كالإيرانيين والأرمينيين والسوريين فلم يزالوا يلعبون دورًا بارزًا في إدارة الكنيسة الجورجية.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←