نبذة سريعة عن تطور مشترك

يحدث التطور المشترك في علم الأحياء عندما يؤثر نوعان أو أكثر تأثيرًا متبادلًا في تطور بعضها في سياق عملية الاصطفاء الطبيعي. يُستخدم المصطلح أحيانًا للإشارة إلى سمتين في النوع نفسه يؤثران في تطور بعضهما، إضافةً إلى التطور الجيني الثقافي المشترك.

تحدث تشارلز داروين عن التفاعلات التطورية بين النباتات المزهرة والحشرات في كتابه أصل الأنواع (1859)، ومع أنه لم يستخدم مصطلح التطور المشترك، فقد اقترح آلية تطور النباتات والحشرات من طريق التغيرات التطورية المتبادلة. درس علماء الطبيعة في أواخر القرن التاسع عشر أمثلة أخرى عن إسهام التفاعلات بين الأنواع في حدوث تغير تطوري متبادل. طور علماء أمراض النبات منذ أربعينيات القرن الماضي برامج لتربية النباتات، قدمت أمثلة على التطور المشترك المحدث بفعل الإنسان. ساعد تطوير أصناف نباتية جديدة مقاومة لبعض الأمراض على التطور السريع للعوامل الممرضة بهدف التغلب على تلك الدفاعات النباتية، ما تطلب بدوره تطوير أصناف نباتية مقاومة جديدة، ومن ثم تشكيل دورة مستمرة حتى اليوم من التطور المتبادل في نباتات المحاصيل والأمراض التي تصيبها.

تطرقت دراسات الطبيعة بصورة أكبر إلى التطور المشترك بعد منتصف الستينيات، عندما أشار دانيال إتش. جانزين إلى التطور المشترك بين الأكاسيا والنمل (انظر أدناه) واقترح بول آر. إيرليش وبيتر إتش. رافين إمكانية إسهام التطور المشترك بين النباتات والفراشات في تنوع أنواع كلا المجموعتين. وصلت الأسس النظرية للتطور المشترك اليوم إلى درجة جيدة من التقدم (مثل نظرية الفسيفساء الجغرافية للتطور المشترك)، إذ توضح هذه الأسس أن التطور المشترك قد يؤدي دورًا مهمًا في قيادة التحولات التطورية الرئيسية مثل تطور عملية التكاثر الجنسي أو التحولات الحاصلة في تضاعف الصيغة الصبغية. أُثبت في الآونة الأخير أيضًا قدرة التطور المشترك على التأثير في بنية المجتمعات البيئية ووظيفتها، وحركيات الأمراض المعدية، وتطور المجموعات التي تربطها علاقات التقايض، مثل النباتات والملقحات.

يمارس طرفا علاقة تطورية مشتركة ضغوطًا انتقائية على بعضهما، ما يؤثر في تطور كل منهما. يتضمن التطور المشترك العديد من أشكال التقايض، والتطور المشترك بين العائل والطفيلي، والمفترس والفريسة، إضافة إلى التنافس بين كائنات النوع نفسه أو بين كائنات الأنواع المختلفة. تطلق الضغوط الاصطفائية في كثير من الحالات سباق تسلح تطوري بين الأنواع المعنية، سباق لا ينحصر في التطور ثنائي الأطراف أو المعروف باسم التطور المشترك المحدد بين نوعين فقط، ففي التطور المشترك متعدد الأنواع مثلًا، والذي يُسمى أحيانًا التطور المشترك المجموعي أو المنتشر، قد تطور أنواع عديدة سمة أو مجموعة من السمات استجابةً لتطور مجموعة من السمات في نوع آخر، مثلما حدث بين النباتات المزهرة والحشرات الملقحة مثل النحل والذباب والخنافس. توجد مجموعة من الفرضيات المحددة حول الآليات التي تتطور فيها مجموعات الأنواع مع بعضها تطورًا مشتركًا.

يعد التطور المشترك مفهومًا بيولوجيًا في المقام الأول، لكن الباحثين طبقوه في مجالات أخرى مثل علوم الكمبيوتر وعلم الاجتماع وعلم الفلك.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←