تاريخ هولندا الاقتصادي (1500-1815) هو تاريخ اقتصادٍ يسميه الباحث والاقتصادي الأمريكي من أصل هولندي يان دي فريس أول اقتصاد «حديث» في العالم، ويغطي تاريخ هولندا منذ عهد الأراضي المنخفضة الهابسبورغية وعصر الجمهورية الهولندية والجمهورية الباتافية والمملكة الهولندية.
بعد أن أصبحت مستقلة بحكم الأمر الواقع عن إمبراطورية فيليب الثاني ملك إسبانيا حوالي عام 1585، شهدت البلاد حوالي قرنٍ من النمو الاقتصادي المتفجر. أدت ثورة تكنولوجية في بناء السفن إلى ميزة تنافسية في الشحن ساعدت الجمهورية الفتية لتصبح القوة التجارية المهيمنة بحلول منتصف القرن السابع عشر. عام 1670، بلغ إجمالي الشحن البحري التجاري الهولندي 568000 طنًا من الشحن، ما يوازي نصف إجمالي الشحن الأوروبي تقريبًا. كان أساس هذا الموقف هيمنة مخازن أمستردام في التجارة الأوروبية، وهيمنة شركات شرق الهند وغرب الهند في التجارة بين للقارات. إضافة للتجارة، ساعدت الثورة الصناعية المبكرة (مدعومة بطاقة الرياح والماء والجفت) واستصلاح الأراضي من البحر والثورة الزراعية الاقتصاد الهولندي على تحقيق أعلى مستوى معيشة في أوروبا (وربما العالم) بحلول منتصف القرن السابع عشر. ساعدت هذه البحبوحة على بزوغ العصر الذهبي الهولندي الذي توجه الفنان العظيم رامبرانت فان راين (1606–1669).
لكن، بحلول عام 1670 تقريبًا، أدى مزيج من الاضطرابات السياسية والعسكرية (الحروب مع فرنسا وإنجلترا) والتطورات الاقتصادية السلبية (انكسار الاتجاه المتصاعد طويل الأمد لمستويات الأسعار) إلى إنتهاء الطفرة الاقتصادية الهولندية بشكل مفاجئ. تسبب هذا الأمر بانكماش الاقتصاد الهولندي في تلك الفترة حتى عام 1713، حين فُكك القطاع الصناعي بشكل جزئي واستقر النمو في التجارة. بدأ الاقتصاد يسلك اتجاهات جديدة، منها صيد الحيتان والمزارع الاستعمارية في سورينام، إضافة إلى أنواع جديدة من التجارة مع آسيا. لكن تلك الاتجاهات مرتفعة المخاطر غالبًا ما فشلت بتحقيق مكاسب. دخلت شركة الهند الشرقية الهولندية بفترة نمو دون أرباح. أثبتت القوة المالية للدولة أنها أكثر ديمومة، ما مكن هولندا من لعب دورها كقوة كبرى في الصراعات الأوروبية مطلع القرن الثامن عشر، عبر توظيف جيوش من المرتزقة ودعم حلفائها.
وضعت هذه الصراعات ضغطًا هائلًا على موارد الجمهورية، فأصبحت، كما خصمها الفرنسي بقيادة الملك لويس الرابع عشر، مدينة بشدة في نهاية حرب الخلافة الإسبانية. تخلى حكام الجمهورية إلى حد ما عن مظاهر القوة العظمى بعد عام 1713، فقللوا من الإنفاق العسكري في محاولة عبثية لسداد الدين العام المتراكم. جلب هذا الدين فئة ريعية كبيرة إلى الوجود ساعدت على تغيير طبيعة الاقتصاد من اقتصادٍ معتمد في المقام الأول على التجارة والصناعة، إلى اقتصاد يلعب فيه القطاع المالي دورًا مهيمنًا. بحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الجمهورية السوق الرئيسي للديون السيادية، ومصدرًا رئيسيًا للاستثمار الأجنبي المباشر. خلال فترة التصنيع البدائي، تلقت الإمبراطورية 50% من المنسوجات و80% من الحرير المستورد من إمبراطورية مغول الهند، بشكل رئيسي من أكثر مناطقها تطورًا المعروفة باسم صوبة البنغال.
تسببت الحروب مع بريطانيا العظمى وفرنسا المدعومة من حلفائها الهنود في نهاية القرن الثامن عشر، وما صاحبها من اضطرابات سياسية، بأزمة مالية واقتصادية لم يتمكن الاقتصاد من التعافي منها. بعد إجبار خلفاء الجمهورية (الجمهورية الباتافية والمملكة الهولندية) على الانخراط في سياسات الحرب الاقتصادية ضد الإمبراطورية الفرنسية، والتي أثبتت أنها كارثية على التجارة والصناعة الهولندية، فقدت الدولة فقدت معظم مكاسب القرنين السابقين بسرعة. واجهت مملكة هولندا المستقلة حديثًا عام 1815 اقتصادًا كان إلى حد كبير غير صناعي وغير متحضر، لكنه كان ما يزال مثقلًا بالدين العام، فتخلفت هولندا عن السداد (المرة الأولى التي تعثرت فيها الدولة الهولندية منذ الأيام الظلامية قبل ثورة الاستقلال).