تتناول هذه المقالة تفاصيل تاريخ مدينة صور اللبنانية وهي واحدة من أقدم المدن المأهولة باستمرار في العالم، حيث ظلت مأهولة بالسكان بشكل مستمر لأكثر من 4700 عام. تقع صور في منطقة بلاد الشام على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت المدينة الرائدة في الحضارة الفينيقية في عام 969 قبل الميلاد في عهد الملك الصوري حيرام الأول، كما يُنسب إليها بجانب موطنها الفينيقي العديد من الابتكارات في بناء السفن والملاحة والصناعة والزراعة والحكومة. استندت شبكة التجارة الدولية للفينيقيين الصوريين على مينائيها ويُعتقد بأنها عززت الأسس الاقتصادية والسياسية والثقافية للحضارة الغربية الكلاسيكية.
شهدت المدينة فترة طويلة من التدهور خلال أوائل العصور الوسطى، حيث عانى سكانها خلال القرن السادس من الفوضى السياسية التي نجمت عن تمزق الإمبراطورية الرومانية الشرقية بسبب الحروب. وقد تفاقم هذا الانخفاض بفعل الزلازل المتكررة التي دمرت المدينة. ثم تمتعت صور بعد ذلك بفترة ازدهار في عهد المسلمين ثم الصليبيين، وفي عام 1291 استولى المماليك على المدينة من الصليبيين. أدى هذا الحدث إلى هجرة جماعية جعلت المدينة تعاني من حالة تراجع وانحدار استمر حتى عام 1750 تقريبًا. بدأ الحاكم المحلي الشيخ ناصيف النصار عددًا من مشاريع البناء، أدت لانتعاش المدينة لفترة قصيرة. وفي القرن التاسع عشر شهدت المدينة ازدهارًا آخر مع بدء العديد من المشاريع التجارية والبناء الجديدة. وعانت المدينة من العديد من الحروب في المنطقة حتى استقلال لبنان من الانتداب الفرنسي عام 1943.