يتناول تاريخ العُري المواقف الاجتماعية تجاه التعري الجسدي في مختلف الثقافات عبر التاريخ. ويُعد استخدام الملابس لتغطية الجسد أحد التحولات التي تميز نهاية العصر الحجري الحديث وبداية نشوء الحضارات. كان العُري -أو شبه العُري- هو العرف الاجتماعي السائد بين الرجال والنساء في المجتمعات الصيادة والجامعة في المناطق الحارة، وما يزال شائعًا بين العديد من الشعوب الأصلية حتى اليوم. ارتبطت الحاجة إلى تغطية الجسد بهجرة الإنسان من المناطق الاستوائية إلى البيئات التي احتاج فيها إلى الملابس حمايةً من الشمس والحرارة والغبار في الشرق الأوسط، أو من البرد والمطر في أوروبا وآسيا. وربما كانت أولى استخدامات جلود الحيوانات والأقمشة للزينة إلى جانب التعديل الجسدي والرسم على الجسد وصناعة الحلي، التي صُنعت أساسًا لأغراض أخرى مثل السحر أو الزخرفة أو الطقوس أو الوجاهة، ثم تبين لاحقًا أن المهارات المستخدمة في صنعها ذات فائدة عملية أيضًا.
أصبح التعري الكامل في الأماكن العامة نادرًا في المجتمعات الحديثة، بشكل متزايد، بعدما ارتبط العُري بالطبقات الدنيا. غير أن مناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل سمح بالاكتفاء بحد أدنى من الملابس، وفي عدد من الثقافات القديمة كان عُري الرجال والفتيان في الرياضة أو الطقوس أمرًا طبيعيًا. ارتبط العُري في اليونان القديمة بكمال الآلهة، أما في روما القديمة فكان التعري الكامل يُعد عارًا، رغم أنه كان مألوفًا في الحمامات العامة أو في الفنون الإيروتيكية. واستُبدلت أي دلالات إيجابية للعُري بمفاهيم الخطيئة والعار في العالم الغربي، مع انتشار المسيحية. ومع أن إعادة اكتشاف المثُل اليونانية خلال عصر النهضة أعادت للعُري رمزيته في الفن، فقد أصبح التعري في الأماكن العامة خلال العصر الفيكتوري أمرًا فاحشًا. ونُظر إلى العُري العام في آسيا، بوصفه انتهاكًا للياقة الاجتماعية لا للخطيئة، أي مُحرجًا أكثر من كونه مُخزيًا، وظل الاغتسال المشترك بين الجنسين أمرًا طبيعيًا ومألوفًا في اليابان حتى إصلاحات عصر مييجي.
بينما جعلت الطبقات العليا من الملابس وسيلة للموضة، واصل من لا يستطيعون تحمل تكاليفها السباحة أو الاغتسال علنًا في المسطحات المائية الطبيعية أو ارتياد الحمامات الجماعية حتى القرن التاسع عشر. وأعيد إحياء تقبل العُري العام في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، إذ عارضت حركات فكرية في ألمانيا خاصةً صعود التصنيع، فظهرت حركة «ثقافة الجسد الحر» -Freikörperkultur- التي مثلت عودة إلى الطبيعة وتحرر من الخجل. وانتقل مبدأ الطبيعية -Naturism- في ستينيات القرن العشرين، من كونه ثقافة فرعية صغيرة إلى جزء من رفض أوسع للقيود المفروضة على الجسد. وأعادت النساء تأكيد حقهن في كشف صدورهن علنًا، وهو ما كان شائعًا حتى القرن السابع عشر. واستمر هذا الاتجاه في أجزاء كثيرة من أوروبا مع إنشاء مناطق عديدة في الحدائق والشواطئ يُسمح فيها باختيار ارتداء الملابس أو عدمه.
رغم جميع هذه التحولات التاريخية في الدول المتقدمة، فإن الثقافات في المناطق الاستوائية من إفريقيا جنوب الصحراء وغابات الأمازون واصلت ممارسة تقاليدها القديمة، فبقي أفرادها عراة جزئيًا أو كليًا في أنشطتهم اليومية.