تاريخ الأرجنتين الاقتصادي يعد من الأكثر خضوعًا للدراسة بسبب «المفارقة الأرجنتينية»، أي حالتها الفريدة كبلد حقق تطورًا متقدمًا في مطلع القرن العشرين لكنّه شهد انعكاسًا، ألهم ثروة هائلة من الأدب وتحليلات متنوعة عن أسباب هذا التراجع. منذ استقلالها عن إسبانيا في عام 1816، تخلفت البلاد عن سداد ديونها ثماني مرات، وكثيرًا ما كان التضخم ثنائي الرقم، حتى أنه بلغ 5000%، ما أدى إلى خفض قيمة العملة على نطاق واسع.
تتمتع الأرجنتين بمزايا نسبية محددة في مجال الزراعة، حيث تتمتع البلاد بكمية هائلة من الأراضي الخصبة للغاية. بين عامي 1860 و1930، أدّى استغلال أراضي البامبا الغنية إلى دفع النمو الاقتصادي بقوة. خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، تفوقت الأرجنتين على كندا وأستراليا في عدد السكان، والدخل الإجمالي، متوسط دخل الفرد. بحلول عام 1913، كانت الأرجنتين الدولة العاشرة الأكثر ثراء على مستوى العالم من حيث دخل الفرد.
لكن ابتداءً من ثلاثينيات القرن العشرين، تدهور الاقتصاد الأرجنتيني تدهورًا ملحوظًا. وكان العامل الأكثر أهمية في هذا التدهور هو عدم الاستقرار السياسي منذ عام 1930، عندما تولى المجلس العسكري السلطة، مُنهيًا سبعة عقود من الحكم الدستوري المدني. من ناحية الاقتصاد الكلي، كانت الأرجنتين واحدة من أكثر الدول استقرارًا وتحفّظًا حتى أزمة الكساد الكبير، التي تحولت بعده إلى واحدة من أكثر دول العالم اضطرابًا. على الرغم من ذلك، كان متوسط نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي في الأرجنتين حتى عام 1962 أعلى من نظيره في النمسا وإيطاليا واليابان ومُستعمره السابق، إسبانيا. أجبرت الحكومات المتعاقبة من ثلاثينيات وحتى سبعينيات القرن العشرين إستراتيجية استبدال الواردات لتحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي، ولكن تشجيع الحكومة للنمو الصناعي أدى إلى تحويل الاستثمار عن الإنتاج الزراعي، الذي انخفض انخفاضًا كبيرًا.
انتهى عصر استبدال الواردات في عام 1976، ولكن في الوقت نفسه أدى الإنفاق الحكومي المتزايد، والزيادة الكبيرة في الأجور، والإنتاج غير الفعال إلى التضخم المزمن الذي ارتفع خلال ثمانينيات القرن العشرين. كما ساهمت التدابير التي سُنّت أثناء الحكم الدكتاتوري الأخير في الدين الخارجي الضخم في أواخر الثمانينيات، والذي أصبح يعادل ثلاثة أرباع الدخل القومي الإجمالي.
في أوائل التسعينيات نجحت الحكومة في كبح التضخم من خلال جعل البيزو متساويًا من حيث القيمة مع الدولار الأميركي، وخصخصة العديد من الشركات التي تديرها الدولة، مُستخدمةً جزءًا من العائدات لخفض الدين الوطني. لكن الركود المستمر في مطلع القرن الحادي والعشرين بلغ ذروته في شكل عجز عن سداد الديون، خفّضت الحكومة قيمة البيزو مرة أخرى. بحلول عام 2005 كان الاقتصاد قد تعافى، ولكن الحكم القضائي الناشئ عن الأزمة السابقة أدى إلى عجز جديد عن سداد الديون في عام 2014.