فهم حقيقة النضال ضد الانتهاك المسيس للطب النفسي في الاتحاد السوفيتي

وُجدت الإساءة السياسية الممنهجة للطب النفسي في الاتحاد السوفيتي وكانت تعتمد على تفسير المعارضة السياسية على أنها مشكلة نفسية. كانت تدعى «آليات نفسية مرضية» للمعارضة.

خلال فترة رئاسة الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ليونيد بريجنيف، كان الطب النفسي يستخدم كأداة لإقصاء الأعداء السياسيين («المعارضين») الذين عبروا بشكل علني عن معتقدات تخالف الدوغماتية الرسمية. وكان مصطلح «التسمم الفلسفي» يستخدم بشكل واسع لتشخيص اضطرابات عقلية لدى حالات كان فيها الأشخاص يختلفون مع القادة ويستهدفونهم للنقد لاستخدامهم كتابات كارل ماركس وفريدريك إينجلز وفلاديمير لينين. وضعت المادة 58-10 من القانون الجنائي لستالين -والتي تم إدراجها مثل المادة 70 في القانون الجنائي لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية لعام 1962- والمادة 190-1 من القانون الجنائي لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية بالإضافة لنظام تشخيص الأمراض العقلية الذي طوره الأكاديمي آندريه سنيجنيفسكي، الشروط المسبقة التي يمكن بموجبها تحويل المعتقدات غير النموذجية بسهولة إلى قضية جنائية وهذه بدورها إلى تشخيص بمرض نفسي. السلوك السياسي المعارض للاتحاد السوفيتي وبالأخص التصريح بمعارضة السلطات والتظاهر من أجل الإصلاح وكتابة الكتب الناقدة كانت تعتبر عند تواجدها معاً في آن واحد لدى بعض الأشخاص فعلاً جنائياً (مثل انتهاك المواد 70 أو 190-1) وعرضاً (مثل «وهم الإصلاح») وتشخيصاً (مثل «الفصام البطيء»). وضمن حدود الفئة التشخيصية كانت أعراض التشاؤم وضعف التأقلم الاجتماعي والصراع مع السلطات كافية بحد ذاتها لوضع تشخيص رسمي لـ «الفصام البطيء». أُدير الاعتقال المتعلق بالطب النفسي لكبح وإيقاف كل من الهجرة وتوزيع المستندات والكتب الممنوعة والمشاركة بأفعال ومظاهرات الحقوق المدنية والتورط بنشاط ديني محرّم. كان المعتقد الديني للسجناء، ومن ضمنهم الملحدين السابقين ذوي التأهيل التعليمي العالي الذين اتخذوا ديانةً ما، يعتبر شكلاً من الأمراض العقلية ويجب أن يُعالج. كانت لجنة أمن الدولة ترسل المعارضين لأطباء نفسيين للتشخيص لتجنب المحاكمات العامة المحرجة ولتشويه سمعة المعارضة بجعلها ثمرة العقول المريضة. المستندات السرية جداً سابقاً التي كانت موجودة ضمن «الملف الخاص» للّجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي نشرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وهي تثبت أن سلطات الدولة استخدمت الطب النفسي وبتمام وعيها كأداة لكبح المعارضة.

في الستينيات، نشأت حركة عنيفة احتجاجاً على الإساءة للطب النفسي في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية. أدينت الإساءة السياسية للطب النفسي في الاتحاد السوفيتي خلال مؤتمرات الرابطة العالمية للطب النفسي في مدينة مكسيكو (1971) وهاواي (1977) وفيينا (1983) وأثينا (1989). كانت حملة القضاء على الإساءة السياسية للطب النفسي في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية حدثاً جوهرياً في الحرب الباردة، حيث ألحقت بسمعة ومكانة الطب السوفيتي ضرراً لا يمكن إصلاحه. في عام 1971، قام فلاديمير بوكوفسكي بتهريب ملف من 150 صفحة إلى الغرب وثِّقت فيه الإساءة السياسية للطب النفسي، وقد أرسله إلى صحيفة التايمز. كانت المستندات عبارة عن نسخ لتقارير قضائية جدلية عن شخصيات بارزة معارضة للاتحاد السوفيتي. في كانون الثاني من عام 1972، تم إدانة بوكوفسكي تحت القانون الجنائي بسبب نشره لحرب دعائية ضد الاتحاد السوفيتي، وبشكل رئيسي اعتماداً على أساسه وخلفيته، وامتلاكه نية ضد الاتحاد السوفيتي ونشره وترويجه لتقارير كاذبة عن المعارضين السياسيين. صرّح فريق العمل للدفاع عن حقوق الإنسان في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية أن بوكوفسكي قد اعتقل كنتيجة مباشرة لاستعطافه للأطباء النفسيين حول العالم، ولذلك يقترح الآن أنهم يملكون قدره بين أيديهم. في عام 1974، كتب بوكوفسكي والطبيب النفسي المسجون سيميون غلوزمان دليلاً عن الطب النفسي للمعارضين، قدم للضحايا المستقبليين المحتملين للطب النفسي السياسي تعليمات عن كيفية التصرف خلال الاستجواب لتجنب أن يتم تشخيصهم بأنهم مرضى عقلياً.

استمرت الإساءة السياسية للطب النفسي في روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وهددت الناشطين بحقوق الإنسان بالحصول على تشخيص نفسي.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←