تعد منطقة الوطن العربي من أكثر المناطق ندرةً بالمياه، وذلك بسبب هيمنة المناخ الصحراوي على معظم أقاليمها، ويزداد الوضع سوءًا بسبب تأثير النزاعات والتغير المناخي والصعوبات الاقتصادية، مما جعل أزمة المياه تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي وللتنمية البشرية والنمو المستدام في المنطقة.
بحسب إحصائيات سنة 2011، بلغت حصة الفرد الواحد من المياه العذبة نحو 500 متر مكعب/سنة بعد أن كانت تقدر بحوالي 2000 متر مكعب/سنة في عام 1960. ومن المتوقع أن تستمر هذه الحصة بالتراجع بشكل سريع، لتصل إلى 250 متر مكعب/ للفرد/سنة بحلول عام 2050. يُطلق على المنطقة اسم "مثلث العطش"، حيث تحتوي على أقل من 7% من المخزون العالمي للمياه العذبة، وعلى أقل من 1% من المياه الجارية (المياه السطحية). أما كمية الأمطار المتساقطة في المنطقة فهي لا تتجاوز 2% من إجمالي الأمطار العالمية.
كما تعاني المنطقة من مشكلة توزيع المياه بين الدول، وهو ما يُعدّ من القضايا الشائكة. حيث أن نحو 60% من المياه الجارية في المنطقة مياه عابرة للحدود الدولية وتنبع من أماكن خارج الوطن العربي، مثل نهر النيل الذي ما زال مصدراً للخلاف بين دول المنبع (أثيوبيا، أوغندا، كينيا تنزانيا، رواندا، بوروندي، الكونغو الديمقراطية، أرتيريا) ودولتي المصب(مصر والسودان) إذ تم تعليق المفاوضات بين الجانبين عدة مرات حول تقسيم حصص المياه.
في مواجهة هذه الأزمة، تتعالى أصوات الخبراء والمنظمات المختصة في العديد من الملتقيات والمنتديات الإقليمية والدولية، مثل منتدى العالم العربي للبيئة والتنمية الذي انعقد في بيروت عام 2010. وقد دعت التوصيات الختامية للمنتدى الحكومات العربية إلى تنفيذ إصلاحات سياسية ومؤسساتية، بالإضافة إلى تبني سياسات قانونية تركز على التحول من ثقافة موجهة نحو تأمين الإمدادات المائية من خلال مشاريع باهظة الكلفة إلى ثقافة تدير الطلب على المياه عن طريق تحسين الكفاءة، وتقليل الهدر، وحماية الموارد من الاستخدامات المفرطة(الانتقال من البحث عن المياه وتجميعها إلى تدبير الموارد المائية).
وفيما يلي بعض أزمات المياه التي حدثت في الوطن العربي:
دجلة والفرات: بعد عام 2010، شهد نهرا دجلة والفرات جفافاً ملحوظاً ، بسبب إقامة تركيا وإيران سدين يعوقان تدفق المياه من الدولتين إلى العراق، مما أدى إلى جفاق كبير في نهري دجلة والفرات في العراق.
البحر الميت: شهد البحر الميت في السنوات الأخيرة أنخفاضاً ملحوظاً في منسوب المياه، حيث تعرض لجفاف كبير بعد سنوات قليلة، بسبب إقامة إسرائيل لمشاريع مائية في صحراء النقب، بالإضافة إلى التعاون بين الأردن وإسرائيل في إقامة مصانع لاستخراج الملح من البحر الميت.
نهر النيل: تتزايد التهديدات بجفاف نهر النيل نتيجة بناء إثيوبيا لسد النهضة، مما يثير قلق دول المصب (مصر والسودان) حول حصتيهما في المياه.