حُسامِ الإسْلام والنَّاصِر لدين الله ومُنقِذ الخِلافَة ومُخلِّص الأُمَّة الأمِير أبُو أحْمَد مُحَمَّد طَلْحَة المُوفَّق بالله بن جَعْفَر المُتَوكِّل بن مُحَمَّد المُعْتَصِم بن هارُون الرَّشِيد بن مُحَمَّد المِهْدِيّ العَبَّاسِيّ الهَاشِميّ القُرَشِيّ (الثَّانِي من رَبِيع الأوَّل 229 - الثَّاني والعُشْرُون من صَفَر 278 هـ / الأوَّل من دِيسَمْبَر 843 - الثَّامِن من يُونيو 891 م) المعرُوف اختصارًا باسم المُوَفَّقْ أو المُوَفَّقْ بِالله.
هو أميرٌ عَبَّاسِيّ، وقائد جيوش الخِلافَة العَبَّاسِيَّة في عهد أخيه الخليفة المُعْتَمِد على الله، ويُعتبر المُوَفَّقْ الحاكم الحقيقي للبِلاد، كما كان أحد أهمّ القادة العَبَّاسِيين في التَّاريخ، وذلك لأنه أعاد للخِلافَة هيبتَها، واستقرارِها بعد أن تسلَّط عليها التُّرك وأضعفُوها فيما عُرف فَتْنة سَامَرَّاء.
ولد المُوَفَّقْ في بَغْدَاد من أم ولد للخليفة المتوكل على الله، وتربى تربية علمية، فكان عالماً بالأدب والأنساب والقضاء والفقه، غزير العقل، حسن التدبير كريماً حازماً، ذا مقدرة سياسية ممتازة، حتى إن بعضهم رأى بأنه المنصور الثاني لأنه لم يُعْرَف في ولد المنصور من هو أشبه به منه. كان الموفق ولي عهد المعتمد على الله إلا أنه كان الخليفة الفعلي وإن كان اسم الخلافة للمعتمد. كان يجلس للمظالم، وعنده القضاة فينصف الناس. يعتبر الموفق أبا الخلفاء الثاني بعد المنصور إذ أن الخلافة العباسية استمرت في عقبه حتى سقوطها على يد هولاكو خان عام 656 هجرية.
كما يعتبر الموفق باعث الحياة في الخلافة العباسية بعد أن أشرفت على السقوط بسبب حالة الفوضى التي سادت على يد الأتراك بين عامي 247 - 256 بعد مقتل الخليفة المتوكل وإستبداد الجنود الأتراك وقادتهم بالأمر وقتلهم للخلفاء المنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي واستقلال أمراء الأطراف بولاياتهم كالصفاريين في المشرق والطولونيين في مصر ولولا الخطر الذي شكلته ثورة الزنج على القادة الأتراك وإحساسهم أن الخطر سيحيق بهم لأنتهى أمر الدولة إلى الانحلال والزوال. تحمل الموفق بالله أعباءاً كبيرة في سبيل تثبيت الخلافة إذا تمكن من القضاء على ثورة الزنج كما تمكن من إيقاع الهزيمة بجموع الصفاريين وزعيمهم يعقوب بن الليث الذي كان قد إقترب من بغداد في محاولة لإرغام الخليفة على الاعتراف بسلطانه على المشرق، كما تمكن أيضاً من الحد من توسع الطولونيين غرباً. توفي الموفق عام 278 هجرية وكان سبب وفاته النقرس.