الحَسَن البَرِيْدِي هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرِيدِيُّ، المَشْهُور بأَبي عَبْدِ اللَّهِ البَرِيْدِي، ظَهَرَ البَرِيْدِيُونَ فَتْرَة ضَعْفِ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّة فِي أَوَّلِ عَهْدِ الخَليفَة العَبَّاسِّي المُقْتَدِرِ بالله، وَأَوْكَلَ وَزيْرُه عَلي بنُ عِيْسَى أبَا عَبْدِ الله وَأَخَوَيْهِ بَعْضَ المَنَاصِبِ، لَكِنَّهُمْ لمْ يَرْضَوْا بهَا، فَلَمَّا وُزِّرَ أبو عَلِي مُحمد بنُ مُقْلَة قَلَّدَهُ الأحْوَاز وَقَلَّدَ أَخَوَيْهِ بَعْضَ الأَعْمَالِ الجَليْلَة، وَبهَذَا أصْبَحَ أبا عَبْد الله أحْمَد البَرِيْدِي عَامِلًا عَلى الأَحْوَازْ. وَتَقَلَّبَتْ أَحْوَالُ أبي عَبْدِ الله البَرِيْدِي بحَسْبِ تَقَلُّبِ الأحْوَال السِّيَاسِيَّة آنَذَاك، فَقَدْ طَرَدَهُ مَرْدَاويجْ بن زَيَّار الدَيْلَمِي مِنَ الأحْوَاز بَعْدَ اسْتِيلائِهِ عَلًيْهَا سَنَةَ 322 هـ / 933 م، وَحِيْنَمَا عَادَت الأحْوَاز إلى الأمِيْر يَاقُوْت أعَادَ البَريْدِي إلى مَكَانَتِهِ وَأَعْطَاهُ ضَمَانَ وَاسِطَ وَمَا حَوْلَهَا. وَنَشَبَ خِلافٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الخَليفَة الرَّاضِي سَنَة 325 هـ / 936 م، إلى أنْ قَرَّرَ الخَليْفَة مُصَالَحَةَ ابنِ البَرِيْدِي وَالاعْتِرَافِ بمَنْصَبِهِ وَوِزَارَتِهِ سنة 326 هـ / 937 م.
قَامَ ابنُ البَرِيْدِي سَنَة 328 هـ / 940 م بمُهَاجَمَةِ دَارِ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّة لاكْتِفَاءِ الخَلِيْفَةِ الرَّاضِي بمُخَاطَبَتِهِ بالوَزيْر وَمَنْحِ ابنِ رَائِق لَقَبَ أَمِيْرِ الأُمَرَاءْ، كَمَا سَاءَتِ العَلاقَةُ بَيْنَ أبَي عَبْدِ الله البَرِيْدِي وَالخَليْفَة العَبَّاسِي المُتَّقِي لله لامْتِنَاعِ أبي عَبْدِ الله عَنْ إرْسَال أمْوَالِ الخَرَاجْ إليْه وذلك في سنة 330 هـ / 942 م، وَفِي نَفْسِ السَنَة سَارَ الخَليْفَةُ الرَّاضِي وَمَعَهُ ابنه أبُوْ مَنْصُور وابنُ رَائِق وَالوَزيْرُ أبُو اسْحَاقْ القَرَارِيْطِي عَلى رَأْسِ جَيْشٍ لِحَرْبِ البَرِيْدِي، فَأَنْفَذَ البَرِيْدِي أَخَاهٌ عَلِي بنُ مُحمد البَرِيْدِي إلى بَغْدَاد، وَكَثُرَ النَّهْبُ، وَتَحَصَّنَ ابنُ رَائِق، وَهَرَبَ المُتَّقِي وَابْنُهُ إلى المَوْصِل وَمَعَهُمَا ابنُ رَائِق، وَنَهَبَ البَرِيْدِي دَارَ الخِلافَة، وقُتِلَ ابنُ رَائِق فِي نَفْسِ السَنَةَ، وَقَتَلَ غِلْمَانُ أبُي عَبْد الله البَرِيْدِي أخَاه أبَا يُوْسف سَنَة 334 هـ / 945 م، وَفِي هَذِهِ السَّنَة مَاتَ أبو عَبْد الله البَرِيْدِي بحُمّّى حَادّة مَكَثَ فيْهَا سَبْعَةَ أيَّامٍ فَكَانَ بَيْنَ قَتْلِهِ لأَخِيْهِ أبَي يُوْسف وَبَيْنَ مَوْتِهِ ثَمَانِيَة أشْهُرٍ وَثَلاثَةَ أيَّام.