التاريخ الوراثي لشمال أفريقيا (أو التاريخ الجيني لشمال أفريقيا) تأثر بشكل كبير بالتضاريس الجغرافية. كانت الصحراء الكبرى إلى الجنوب والبحر المتوسط إلى الشمال حاجزين مهمين لتدفق الجينات في عصور ما قبل التاريخ. ولكن أفريقيا مرتبطة بآسيا الغربية عن طريق مضيق السويس، في حين يفصل بين مضيقي جبل طارق في شمال أفريقيا من جهة وأوروبا من الجهة الأخرى 15 كم (9 أميال) فقط.
رغم تعرض شمال أفريقيا لتدفق المورثات من المناطق المحيطة، فإنها خضعت أيضًا لفترات طويلة من الانعزال الجيني، ما سمح بنشوء علامة جينية مميزة للبربر تطورت في الشعب البربري المحلي، بالإضافة إلى علامة جينية قبطية مميزة لدى أقباط مصر. توجد اليوم هذه «العلامة البربرية» بانتظام في المناطق والشعوب التي ما تزال تتحدث اللغة البربرية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى جزر الكناري التي يسكنها البربر الأصليون وأحفادهم حتى هذا اليوم. أظهرت دراسة جينية حديثة أن أهالي شمال أفريقيا المعاصرين يحتفظون بمكون جيني معتد به من الحقبة الإيبيروموريسية للأفريقيين الشماليين من العصر الحجري القديم.
تعنى النقاشات العلمية الحديثة بتحديد المساهمات النسبية للحقب المختلفة من التدفق الجيني وصولًا إلى الحوض الجيني الحالي للأفريقيين الشماليين. تشريحيًّا، من المعروف أن الإنسان المعاصر وجد في أفريقيا الشمالية خلال العصر الحجري القديم الأوسط (قبل 300,000 سنة)، كما تشهد وثيقة جبل إيغود 1. تبعت الثقافة العاترية، دون انقطاع شكلي، الصناعة الإيبيروموريسية، التي تظهر تشكيلاتها الحجرية علاقات بثقافات البشر الأوروبيين الأوائل الحديثين في أوروبا وغرب آسيا. وبعد الصناعة الإيبيروموريسية ظهرت الصناعة القبصية في الجزء الشرقي لشمال أفريقيا (مصر وليبيا).
في القرن السابع للميلاد، غزيت أجزاء من البلدان البربرية من قبل الأمويين. «قد» يكون حدث اختلاط جزئي بين الشعوب، و«قد» يكون تسبب في التنوع الجيني لدى بعض الأفارقة الشماليين تحت الاحتلال القصير نسبيًّا للأمويين ووصول العرب البدو والسريان من الشرق الأدنى في لآسيا ووصول بعض اليهود والمسلمين الهاربين من الكاثوليك الإسبان عقب سقوط الأندلس. ولكن هذا الاندماج الجزئي للبربر والأجانب محدود بشكل كبير من حيث التوزع الجغرافي للمناطق الحضرية الرئيسية للبربر وبعض السهول الساحلية لشمال أفريقيا لأن المهاجرين واللاجئين كانوا مائلين للانجذاب نحو المدن الكبرى منذ قديم الأزل ومالوا لتجنب المدن الوسطى الرئيسية. الطبيعة العرقية والجينية البربرية لشمال أفريقيا (غرب مصر) ما تزال سائدة، إما بشكل سائد (كما في الهوية اللغوية والعرقية) أو بشكل جانبي (كما في الإرث الثقافي والوراثي).