الإمارات العربية على الساحل الشرقي للخليج العربي، هي إمارات عربية كانت معقل حكم العرب في الساحل الشرقي للخليج العربي وما جاوره وهي تقع حاليًا في محافظات هرمزغان وبوشهر وخوزستان في إيران.
يعد الساحل الشرقي للخليج العربي موطنا للقبائل العربية والتي كان لها فيه وجود كبير ومؤن ومراكز للعلم والتجارة، وكان يحكمه حكام عرب، ولم يكن فيه أي وجود فارسي، وإن هذه القبائل العربية التي استوطنت هذه البقاع جاءت من الجزيرة العربية.
لقد عرف العرب الذين سكنوا وعاشوا في الساحل الشرقي للخليج العربي بعرب الهولة الذين يتكونون من قبائل عريقة تمتد على الجانب الشرقي الخليج منذ مئات السنين وحتى اليوم، رغم تصفية الحكم العربي في الساحل الشرقي بعد ظهور الدولة القاجارية التي عملت بالتواطؤ مع القوى الاستعمارية على طرد العرب من الجانب الشرقي من الخليج العربي، وتدمير مدنهم وموانئهم وتجهيرهم إلى دول الخليج العربي المختلفة، بحكم التناقض القومي بين العرب والفرس، وبحكم التناقض المذهبي، حيث العرب من السنة، والإيرانيون من الشيعة.
لقد خلف عرب الهولة بحكم دورهم، وعمق جذورهم وعلى امتداد الخليج العربي، تراثًا هائلًا في كل مناحي المعرفة والإدارة والقيادة، ويسجل لهم التاريخ أنهم كانوا في كل مواقفهم وتوجهاتهم في خدمة الإسلام والمسلمين.
لقد أطلق الرحالة الألماني كارستن نيبور الذي عاش ما بين 1733 - 1815 على هذه القبائل ومناطقهم: (إمارات عرب الهولة).
لقد سجل تاريخ الخليج الكثير من موجات الهجرة بين ساحلي الخليج العربي. ويمتد الساحل الشرقي مسافة تقرب من ثمانمائة كيلومتر من مدينة بوشهر إلى مدينة بندر عباس، ويفصل الساحل سلسلة جبال زاجرس العالية عن بقية أجزاء الهضبة الإيرانية الداخلية. وترتفع سلسلة جبال زاجرس عن سطح البحر في هذه المنطقة ما بين 1000 إلى 2500 مترًا. ولا يوجد في هذه الجبال إلا ثلاث ممرات فقط تصل الساحل بالهضبة الإيرانية الداخلية وهي:
ممر من ميناء بوشهر إلى مدينة شيراز.
ممر من مدينة بندر لنجة إلى مدينة لار.
طريق من بندر عباس إلى مدينة كرمان.
تبعد مدينة لنجة عن مدينة لار 280 كيلومترًا، وعن مدينة بستك 170 كيلومترًا، وعن مدينة بندر عباس 192 كيلومترًا، وعن مدينة بوشهر 420 كيلومترًا، وتقع في محافظة هرمزگان في إقليم شيبكوه على الساحل.
ويضم الساحل كثيرًا من القرى والمدن الصغيرة التي تحيط بها أحواض النخيل. كما يضم عددًا من القرى المتوسطة ذات القلاع الحصينة. وتضم هذه المنطقة « سهل جفر مسلم » الواسع، وصحراء مهركان الملحية، وسهل لاوردين وادٍ داخلي تجود فيه الزراعة، ويقع بين هذه السلسلة من الجبال وكتلة نادردُون المرتفعة.
ويمتد ممر (ب) من مدينة بندر لنجة إلى مدينة لار مسافة 280 كيلومترًا، وتقع على طول هذا الممر عدد كبير من القرى الصغيرة والكبيرة هنا وهناك.
وسكان هذه المناطق من أصول عربية ويدينون بالإسلام وعلى مذهب المذهب الشافعي.
وقد عاشت القبائل العربية المهاجرة إلى الساحل الشرقي في عزلة عن بقية سكان إيران فوق الهضبة العالية، ولم يكن هذا لأسباب جغرافية فحسب، بل لأسباب دينية أيضًا إذ يعتنق الخليجيون من أهل الساحل الشرقي المذهب السني، بينما يعتنق سكان إيران بصفة عامة المذهب الشيعي الاثنى عشري.
وقد قدم نيبور (nibuhr) الرحالة الألماني الذي زار الخليج عام 1765 م وصفًا حيًا للمدن والقرى التي قطنتها القبائل العربية التي استقرت آنذاك على الساحل الشرقي، وكانت قبيلة القواسم تحكم مدينة بندر لنجة وما جاورها، وقبيلة قبيلة المرازيق تحكم منطقة مغوه وتوابعها.
وقد أطلق كارستن نيبور على قبائل الساحل الشرقي اسم الهولة. وقد أشار نيبور إلى أن العرب وأغلب الإيرانيين المستقرين على طول الساحل يدينون بالمذهب السني. وقد أكد ذلك المؤرخ (لوريمر). وقد كانت المفاهيم السياسية لدى العرب والإيرانيين في أواخر القرن التاسع عشر مفاهيم يغلب عليها الطابع الديني والولاء للمذهب أكثر مما هي ولاء قومي وعرقي.
لهذا توسعت علاقات العرب السنة على الساحل الشرقي مع جماعتهم الأصلية على الساحل العربي. كما كان عرب الساحل الشرقي يرتبطون اقتصاديًا واجتماعيًا بعائلاتهم وقبائلهم المقيمة بالجزيرة العربية. لهذا ازدهرت مدينة لنجة في اواسط القرن التاسع عشر كميناء رئيسي لسد حاجيات الإمارات المتصالحة. كما أصبحت سوقًا مزدهرة لتجارة اللؤلؤ.
وتوسعت الروابط الثقافية والدينية بين ساحلي الخليج وذلك على عدد من المعلمين والأساتذة الذين تلقوا دراستهم الدينية في مدارس بندر لنجة ودار العلم كوهيج وكجویه، التي يمولها التجار السنة الأثرياء، والذين قدموا إلى بعض إمارات الساحل المتصالح للتعليم فيها، وقد نبغ في هذه المدارس في لنجة أسماء لامعة من العلماء، ومن بينهم العلامة الشيخ ملا محمد علي الكوخردي، الذي درس في لنجة ثم التحق بجامعة الأزهر الشريف في مصر وتخرج منها، وهو أول كوخردى تخرج من جامعة الأزهر، ثم أنشأ مدرسة دينية في كوخرد وعلم الناس حتى وافته المنية في عام 1345 للهجرة.