استكشف روعة اتحاد الكنائس البروسية

اتحاد الكنائس البروسية، المعروف بعدة أسماء، كان جسدًا رئيسيًا للكنيسة البروتستانتية. نشأ الاتحاد عام 1817 بناءً على سلسلة من المراسيم التي أصدرها الملك فريدريك وليم الثالث ملك بروسيا. هدفت هذه المراسيم إلى توحيد الطائفتين اللوثرية والإصلاحية في بروسيا، لتكون الكنائس تحت مظلة واحدة رغم اختلاف المذاهب.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن اتحاد الكنائس البروسية يُعدُّ الأول من نوعه في دولة ألمانية الكبرى، مما جعله علامة فارقة في تاريخ الكنائس البروتستانتية، وفتح آفاقًا جديدة لتعايش المذاهب ضمن إطار موحّد.

أضحت كنيسة الاتحاد البروسي أعظم المنظمات الدينية المستقلة في الإمبراطورية الألمانية ثم في جمهورية فايمار، حيث التف حولها قرابة ثمانية عشر مليونًا من الأتباع. بيد أن هذه الكنيسة لم تسلم من رياح الانشقاق، إذ شهدت انقسامين بارزين: أولهما دائم منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وثانيهما مؤقت بين عامي 1934 و1948، وكلاهما كان وليد تقلبات الحكومات وسياساتها المتغيرة.

لقد كانت الكنيسة محظية الدولة في بروسيا خلال القرن التاسع عشر، إذ حملت لواء الإيمان المقرون بالنفوذ السياسي. ولكن لم تدم هذه الحظوة طويلًا؛ إذ وقعت فريسة للتدخلات المتكررة والقمع الممنهج في القرن العشرين، حيث امتدت يد الظلم إلى أبناء رعيتها، يضطهدهم الحاكمون حينًا ويقيدون حريتهم أحيانًا

في عشرينيات القرن العشرين، فرضت الجمهورية البولندية الثانية وليتوانيا تقسيمات تنظيمية أحدثت زلزلة في أركان الكنيسة، أعقبها في الخمسينيات والسبعينيات من القرن ذاته تدخلات مماثلة من قبل ألمانيا الشرقية وجمهورية بولندا الشعبية والاتحاد السوفييتي. لقد ألغيت جماعات بأكملها وصودرت ممتلكات الكنيسة، لتنقل إلى استخدامات علمانية أو تُمنح إلى كنائس أكثر قربًا وولاءً للأنظمة الحاكمة آنذاك.

وخلال الحرب العالمية الثانية، عانت ممتلكات الكنيسة من دمار واسع النطاق بفعل القصف الاستراتيجي، حتى باتت كثير من معالمها أطلالًا تشهد على قسوة الزمن. ومع انقضاء الحرب، زادت المحن إذ فرّ أبناء الرعية من تقدم القوات السوفييتية، مما أدى إلى اختفاء مقاطعات كنسية بأكملها. ولم يكن ذلك فحسب، بل إن هروب وطرد الألمان شرق خط أودر-نايس أزال ما تبقى من تلك المقاطعات، كأنما انمحى تاريخها في غبار الحروب والسياسات المتغيرة.

في أعقاب الحربين العالميتين، شهدت الكنيسة إصلاحاتٍ جذرية كان لها أثرٌ عميق في تمكين أبناء الرعية وتعزيز مشاركتهم الديمقراطية في شؤونها. وكانت هذه الكنيسة منارةً اجتمع تحت سقفها نفرٌ من أعلام اللاهوت والفكر، أمثال فريدريش شلايرماخر، ويوليوس فيلهاوزن (مؤقتًا)، وأدولف فون هارناك، وكارل بارث (مؤقتًا)، وديتريش بونهوفر، ومارتن نيمولر (مؤقتًا)، وغيرهم ممن أثروا علوم اللاهوت.

وفي أوائل الخمسينيات، تحولت الكنيسة إلى هيئة جامعة، بعدما نالت أقاليمها الكنسية استقلالها في أواخر الأربعينيات، لتصبح إطارًا يجمع ما تفرق من وحداتها في صورة متجددة. ولكن، مع تراجع أعداد الرعية بفعل الأزمة الديمغرافية التي اجتاحت ألمانيا، وتنامي موجة اللادينية، غابت الكنيسة عن مركزها التاريخي. وفي عام 2003، اندمجت ضمن اتحاد الكنائس الإنجيلية، كأنما طُويت صفحتها لتُسطر فصلًا جديدًا في تاريخ الإيمان والتغيرات المجتمعية.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←