اكتشاف قوة إنجيل مرقس السري

إنجيل مرقس السري أو إنجيل مرقس الغامض ويعرف أيضًا باسم إنجيل مرقس المُطوَّل، هو إنجيل لم تجر الإشارة إليه سوى في رسالة دير مار سابا -وهي وثيقة هناك جدل حول موثوقيتها يُقال إن كاتبها هو إكليمندس الإسكندري (ق. 150-215م)- ورد فيها أنه إنجيل محاط بالسرية أطول من إنجيل مرقس القانوني المتداول. لم يبقَ لرسالة دير مار سابا سوى صورٍ فوتوغرافيةٍ لنسخةٍ مكتوبةٍ بخط اليد باليونانية نُسخت -على ما يبدو- في القرن الثامن عشر الميلادي على الصفحات الأخيرة لكتابٍ مطبوعٍ في القرن السابع عشر الميلادي يحتوي على أعمال إغناطيوس.

سنة 1958م وجد مورتون سميث -أستاذ التاريخ القديم في جامعة كولومبيا- رسالةً غير معروفةٍ مُسبقًا لإكليمندس الإسكندري في دير مار سابا الواقع على بعد 20 كيلومترًا جنوب شرق القدس. أعلن سميث رسميًا عن الاكتشاف سنة 1960م، ونشر دراسته للنص سنة 1973م. نُقِلَ المخطوط الأصلي لاحقًا إلى مكتبة كنيسة الروم الأرثوذكس في القدس، وفي وقتٍ ما بعد سنة 1990م اختفى. اعتمد البحث بعد هذا التاريخ على صورٍ ونسخٍ للمخطوط الأصلي، بما في ذلك تلك التي التقطها سميث بنفسه.

كانت الرسالة موجهةً إلى شخصٍ مجهولٍ يدعى ثيودوروس، ذكر فيها إكليمندس عن هذا الإتجيل: «عندما مات بطرس شهيدًا جاء مرقس [أي مرقس الرسول] إلى الإسكندرية حاملاً ملاحظاته الخاصة وملاحظات بطرس، وكل ما هو مناسب للتقدم نحو المعرفة ونقلها إلى كتابه السابق [أي إنجيل مرقس]». وقال أيضًا إن مرقس ترك هذه النسخة الموسعة -المعروفة اليوم باسم الإنجيل السري لمرقس- «للكنيسة في الإسكندرية حيث تُحرس بعنايةٍ حتى الآن، ولا يقرؤها سوى المُطّلعين على الأسرار العظيمة». اقتبس إكليمندس مقطعين من إنجيل مرقس السري هذا، ورد في المقطع الأول أن يسوع أحيا شابًا غنيًا من الموت في بيت عنيا، وتتشابه هذه القصة في العديد من الجوانب مع قصة إحياء لعازر التي وردت في إنجيل يوحنا.

أثار الكشف عن الرسالة ضجةً كبيرةً في ذلك الوقت، ولكن سرعان ما قوبلت باتهاماتٍ بالتزوير والتضليل. وعلى الرغم من أن معظم العلماء الذين تخصصوا في آبائيات إكليمندس اعتبروا الرسالة حقيقيةً، إلا أنه لا إجماع على أصالتها بين علماء الدراسات الكتابية، حيث انقسمت آراؤهم. ونظرًا لأن النص مكوّنٌ من قسمين، فقد يكون كلاهما مزيفًا أو كلاهما أصليًا أو أحدهما أصليًا والآخر مزيفًا. أولئك الذين يعتقدون أن الرسالة مزيفة، يرون في الغالب أنها زُيّفت حديثًا، ويلقون باللائمة غالبًا على مكتشفها مورتون سميث. وإذا ثبُت أن الرسالة مزيفة حديثًا، فستكون المقتطفات من هذا الإنجيل مزيفةً أيضًا. قَبل البعض الرسالة على أنها حقيقية، لكنهم لم يُصدّقوا رواية إكليمندس، وبدلاً من ذلك زعموا بأن هذا الإنجيل إنما هو معارضة أدبية غنوصية ترجع للقرن الثاني الميلادي. بينما يعتقد البعض الآخر أن معلوماتِ إكليمندس دقيقةٌ، وأن الإنجيل السري هو نسخة ثانية من إنجيل مرقس وسّعها مرقس بنفسه. فيما لا يزال البعض يرى أن الإنجيل السري لمرقس هو الإنجيل الأصلي الذي سبق إنجيل مرقس الكُنسي، وأن إنجيل مرقس الكُنسي مختزل من إنجيل مرقس السري هذا الذي استشهد إكليمندس به، وأن المقاطع الأخرى -التي أُزيلت- إما أزالها مرقس بنفسه وإما أزالها شخص آخر لاحقًا.

ثمة جدل مستمر حول صحة رسالة دير مار سابا. فقد انقسم المجتمع العلمي حول أصالتها، وعليه فإن النقاش لا يزال دائرًا حول إنجيل مرقس السري نظرًا لحالةٍ من الشك حول وجوده.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←