إمبراطورية الإنكـا، المعروفة رسميًا باسم مملكة الأجزاء الأربعة (بالكيتشوا: Tawantinsuyu وتعني حرفيًا "أرض الأجزاء الأربعة")، هي أكبر إمبراطورية في الأمريكتين قبل وصول كولومبوس. كان المركز الإداري والسياسي والعسكري للإمبراطورية يقع في مدينة كوسكو. نشأت حضارة الإنكا من مرتفعات بيرو في وقت ما في أوائل القرن الثالث عشر. يعتبر المستكشف البرتغالي أليكسو غارسيا أول أوروبي يصل إلى إمبراطورية الإنكا عام 1524. ولاحقًا، في عام 1532، بدأ الإسبان غزو الإمبراطورية، وبحلول عام 1572 تم إخضاع آخر دولة إنكـية بالكامل.
ضمّ الإنكا جزءًا كبيرًا من غرب أمريكا الجنوبية بين عامي 1438 و1533، متمركزين في جبال الأنديز، مستخدمين الغزو والاستيعاب السلمي ووسائل أخرى. امتدت الإمبراطورية في ذروتها لتشمل مناطق تشكّل اليوم بيرو مع غرب الإكوادور وغرب وجنوب وسط بوليفيا وشمال غرب الأرجنتين وأقصى الجنوب الغربي لكولومبيا وجزءًا كبيرًا من تشيلي الحالية، مشكّلةً دولة تضاهي كبرى الإمبراطوريات التاريخية في أوراسيا ولغتها الرسمية الكيتشوا.
امتازت إمبراطورية الإنكا بكونها افتقرت إلى العديد من السمات المرتبطة بحضارات العالم القديم؛ إذ كتب عالم الأنثروبولوجيا غوردون ماكإيوان أن الإنكا تمكنوا من بناء "واحدة من أعظم الدول الإمبراطورية في تاريخ البشرية" من دون استخدام العجلة أو الحيوانات المخصصة للجر، أو معرفة الحديد أو الفولاذ، أو حتى وجود نظام كتابة. ومن أبرز خصائص الإمبراطورية عمارتها الضخمة، وخاصة البناء الحجري، وشبكة الطرق الواسعة التي وصلت إلى جميع أطراف الإمبراطورية، والمنسوجات الدقيقة، واستخدام الحبال المعقودة لحفظ السجلات والتواصل، والابتكارات الزراعية والعمل في بيئة صعبة، بالإضافة إلى التنظيم والإدارة المفروضة أو المتبناة لشعبها وأعمالهم.
ظلت الإمبراطورية الإنكـية تعمل إلى حدّ كبير بلا نقود ولا أسواق؛ إذ اعتمد تبادل السلع والخدمات على مبدأ المعاملة بالمثل بين الأفراد والجماعات وحكام الإنكا. وكانت "الضرائب" عبارة عن التزام الفرد بتقديم العمل للإمبراطورية. وفي المقابل كان حكّام الإنكا – الذين كانوا نظريًا يملكون جميع وسائل الإنتاج – يمنحون الناس حق الوصول إلى الأراضي والمواد، ويوفرون الطعام والشراب في الولائم الاحتفالية لرعاياهم.
ظلّت العديد من أشكال العبادة المحلية قائمة، مرتبطة في معظمها بالـ هواكا أو الأماكن المقدسة المحلية، لكن القيادة الإنكـية عزّزت عبادة الشمس إنتي – إلههم الشمسي – وفرضت سيادته فوق غيره من المجموعات الدينية مثل عبادة باتشاماما. وكان الإنكا يعتبرون ملكهم سَبا إنكا "ابن الشمس".
لا تزال اقتصاديات الإنكا موضوعًا للنقاش العلمي؛ فقد أشار داريل إي. لا لون في عمله الإنكا كاقتصاد غير سوقي إلى أن الباحثين وصفوا هذا النظام سابقًا بأنه "إقطاعي أو عبودي أو اشتراكي"، أو بأنه "نظام قائم على المعاملة بالمثل وإعادة التوزيع؛ أو نظام ذو أسواق وتجارة؛ أو نموذج آسيوي للإنتاج".