قدم باحثون، كثيرٌ منهم صينيون، روايات مفصلة عن تأثير التنمية الاقتصادية على المشهد البيئي للصين خلال القرن الحالي. بحلول منتصف العقد الأول من القرن التاسع عشر، كانت مساحات شاسعة من شمال الصين قد تحوّلت إلى صحراء؛ أدت إزالة الغابات والممارسات الزراعية السيئة إلى تدهور مساحات شاسعة من الأراضي؛ أدى الإفراط في صيد السمك إلى استنزاف الثروة السمكية؛ وبدأت المصانع الصغيرة في تلويث موارد البلاد من المياه. إضافة إلى ذلك، ألحقت الضغوط الناجمة عن تزايد عدد السكان في الصين والحروب المتكررة خسائر جسيمة بالبيئة، ما صنع تحديًا للتنمية في الصين.
بحلول نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين شهد الاقتصاد الصيني نموًا هائلًا. شجعت السياسات الحكومية الجديدة خصخصة الزراعة والتحضر الشامل لسكان الريف في الصين وتنمية عشرات الآلاف من الصناعات الريفية الصغيرة وتدفق الاستثمارات الدولية. كانت النتائج مذهلة: انُتشل مئات ملايين الصينيين من براثن الفقر؛ ولا يزال اقتصاد الصين ينمو بمعدل يتراوح بين 8 و 12% سنويًا، كما كان عليه الحال منذ عقدين، وبحلول نهاية عام 2005، كانت الصين رابع أكبر اقتصاد وثالث أكبر دولة مُصدّرة في العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا. مع ذلك، دفعت البيئة في الصين ثمنًا باهظًا لهذا النمو الاقتصادي. إذ شكّل كلّ من تلوث المياه، وتلوث الهواء، وتدهور التربة تهديدًا هائلًا للأنظمة البيئية وصحة الإنسان. على كل حال، تأخذ الحكومة الصينية هذه القضايا على محمل الجد وتُدرجها ضمن سياساتٍ وخططٍ على أعلى مستوى.
بنفس القدر من النمو الاقتصادي السريع، يتغير نظام الإدارة البيئية بسرعةٍ في الصين؛ لينتج عن ذلك بناء مؤسسات وممارسات بيئية جديدة. تزايدت إدارة سلطات الدولة من خلال القوانين وإضفاء الطابع اللامركزي على صنع السياسات البيئية وتنفيذها. أما الجهات الفاعلة غير الحكومية -من الشركات الخاصة والمواطنين (المنظمين) على حد سواء- فتضطلع بمزيد من المسؤوليات والمهام في مجال الإدارة البيئية. نشأت علاقات جديدة بين الدولة والسوق والمجتمع المدني في مجال الإدارة البيئية، مع زيادة التركيز على الكفاءة والشرعية.