نبذة سريعة عن أسباب الركود الاقتصادي الكبير

تسببت العديد من العوامل بشكل مباشر وغير مباشر في إحداث الركود الاقتصادي الكبير (الذي بدأ في عام 2008 بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة)، مع ترجيحات مختلفة لأسباب معينة وضعها خبراء الاقتصاد.

تشمل الأسباب الرئيسية لأزمة الرهن العقاري وما أعقب ذلك من ركود، اختلال التوازن التجاري الدولي ومعايير الإقراض المتساهلة التي ساهمت في ارتفاع مستويات الديون الأسرية في الدول المتقدمة والفقاعات العقارية التي انفجرت منذ ذلك الحين، وسياسات الإسكان الحكومية الأمريكية، والتنظيم المحدود للمؤسسات المالية غير الإيداعية. بمجرد بداية الركود، كانت محاولات التصدي له مختلفة بدرجات نجاح متفاوتة. شمل ذلك السياسات المالية للحكومات، والسياسات النقدية للبنوك المركزية، والتدابير الموضوعة لمساعدة المستهلكين المديونين على إعادة تمويل ديون الرهون العقارية، والنهج المتضاربة المستخدمة من قبل الدول لإنقاذ الصناعات المصرفية المتعثرة وحاملي السندات الخاصة، بافتراض أعباء الديون الخاصة أو توزيع الخسائر على المجتمع.

تبدأ أحد الروايات التي تصف أسباب الأزمة بزيادة كبيرة في المدخرات المتاحة للاستثمار أثناء الفترة 2000-2007، عندما زاد المجمع العالمي لسندات الضمان ثابتة الدخل من نحو 36 تريليون دولار في عام 2000 إلى 80 تريليون دولار بحلول عام 2007. زاد هذا «المجمع المالي الضخم» مع دخول المدخرات من الدول النامية سريعة النمو أسواق المال العالمية. سعى المستثمرون الباحثون عن عائدات أعلى من تلك التي تقدمها سندات الخزينة الأميركية إلى إيجاد بدائل عالميًا.

أربك الإغراء الذي وفرته هذه المدخرات المتاحة بسهولة، آليات الرقابة السياسية والتنظيمية لدولة تلو الأخرى، مع وضع المقرضين والمقترضين هذه المدخرات للاستخدام، ما ولّد فقاعة اقتصادية تلو الأخرى في مختلف أنحاء العالم.

رغم انفجار هذه الفقاعات التي أدت إلى انحدار أسعار الأصول (مثل الإسكان والممتلكات التجارية)، بقيت الديون المستحقة على المستثمرين العالميين بالسعر الكامل، ما ولّد التساؤلات بشأن الملاءة المالية للمستهلكين والحكومات والأنظمة المصرفية. يترتب على هذا العبء من الديون إبطاء الاستهلاك وبالتالي النمو الاقتصادي، ويشار إليه بـ «ركود الميزانية العمومية» أو انكماش الدين.

أدى هبوط أسعار الأصول (مثل السندات المدعمة برهون عقارية) خلال عامي 2007 و2008 إلى حدوث ما يعادل الاندفاع لسحب الودائع المصرفية في الولايات المتحدة، والتي تضم المصارف الاستثمارية وغيرها من الكيانات المالية غير الإيداعية. نما هذا النظام لينافس نظام الإيداع من حيث الحجم، ولكنه لم يخضع لنفس الضمانات التنظيمية. خفضت البنوك المتعثرة في الولايات المتحدة وأوروبا الإقراض مسببة أزمة الائتمان. ولم يعد بوسع المستهلكين وبعض الحكومات الاقتراض والإنفاق على مستويات ما قبل الأزمة. خفضت الشركات أيضًا استثماراتها مع تعثر الطلب وانخفاض القوى العاملة لديها. زاد ارتفاع معدلات البطالة بسبب الركود من صعوبة وفاء المستهلكين والبلدان بالتزاماتهم. أدى هذا إلى ارتفاع خسائر المؤسسات المالية، ما فاقم أزمة الائتمان، وبالتالي خلق حلقة ارتجاع عكسية.

أبلغت لجنة التحقيق بشأن الأزمة المالية الأمريكية عن النتائج التي توصلت إليها في يناير 2011. خلّص التقرير إلى أن «الأزمة كان من الممكن تجنبها وكان سببها: الإخفاقات واسعة النطاق في التنظيم المالي، بما في ذلك فشل بنك الاحتياطي الفدرالي في وقف موجة الرهن العقاري السام، والانهيارات الهائلة في حوكمة الشركات بما في ذلك العديد من الشركات المالية التي تعمل بتهور وتتعرض لمخاطر كبيرة للغاية، ومزيج متفجر من الاقتراض المفرط والمخاطر من قبل الأسر الأمريكية ووول ستريت، الذي وضع النظام المالي على مسار تصادمي مع الأزمة، وكبار صناع السياسات غير المستعدين للأزمة، والذين يفتقرون إلى الفهم الكامل للنظام المالي الذي أشرفوا عليه، والانتهاكات المنهجية في المساءلة والأخلاق على جميع المستويات».

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←