ماذا تعرف عن أبو العلاء المعري

أبُو العَلاءِ المعّرِّي (363- 449 هـ / 973- 1057 م) هو أَحْمَدُ بنُ عَبدِ الله بنِ سُلَيمانَ بنِ مُحَمَّدٍ القُضَاعِي التَّنُوخِي المَعَرِّي الشَّهير اختصارًا بِـ«أبي العَلاء المَعَرِّي»، شاعرٌ ومُفكِّر وعالم لغوي ونحويٌّ وأديب وفيلسوف، من كبار أعلام الحضارة الإسلاميَّة عُمومًا وأحد أعظم شُعراء العرب والعربيَّة خُصُوصًا. وُلد ومات في معرَّة النُعمان من أعمال حلب شماليَّ الشَّام، ونُسِب إليها «المعرِّي». كان غزيرَ الأدب والشعر، وافرَ العلم، غايةً في الفهم، عالمًا بِاللُّغة، حاذقًا بِالنحو. عاش أغلب في العصر العبَّاسي الثاني الشهير بِـ«عصر نُفُوذ الأتراك» الذي شهد عدَّة اضطرابات سياسيَّة نتيجة ضعف سُلطة الخُلفاء واستبداد القادة التُرك بِالأمر، وانتقال الدولة من نظام الحُكم المركزي إلى اللامركزي، فتجلَّت هذه الأوضاعُ في أدبه وشعره.

نشأ أبو العلاء في بيت علمٍ وقضاءٍ ورياسةٍ وثراء، حيث تولَّى جماعةٌ من أهله القضاء في الشَّام، ونبغ منهم قبله وبعده كثيرون وصلوا لِلرياسة ونبغوا في السياسة، وكان فيهم عُلماء وكُتَّاب وشُعراء. أُصيب أبو العلاء بالجُدَريِّ صغيرًا فعَمِيَ في السنة الرابعة من عُمره، لكنَّهُ برُغم عاهته هذه تعلَّم النحو واللُّغة العربيَة على يد والده وبعض عُلماء اللُّغة من أهل بلده، فأصبح ضليعًا في فُنُون الأدب حتى إنَّه قال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. تزعم عدَّة روايات أنَّ أبا العلاء ارتحل إلى بضع بُلدان طلبًا لِلعلم، أبرزها بغداد التي أقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى بلده ولزم منزله، وعمل في التصنيف، وكان إذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم. وأدَّى اعتزال أبي العلاء لِلناس أن لُقِّب بِـ«رهين المحبسين»، أي محبس العمى ومحبس البيت.

عاش أبو العلاء مُتقشفًا زاهدًا في الدُنيا، وكان يُحرِّم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمسًا وأربعين سنة. وكان يلبس خشن الثياب. ويرى العديد من الأدباء أنَّ التشاؤم غلب على أدبه وشعره، حتَّى قيل أنَّهُ لم يتزوَّج كي لا يُنجب أولادًا يُعانون مُرَّ الحياة. وعلَّل البعض تشاؤمه بِالمقام الأوَّل بِذهاب بصره مُنذُ الصغر إضافةً إلى موت والديه وفقره الشديد، يُضاف إلى ذلك عيشه في زمنٍ مليءٍ بِالفساد بِكُلِّ أشكاله الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة، نتيجة الضعف الذي أصاب الخلافة العبَّاسيَّة كما أُسلف. كما قيل بأنَّهُ آمن أنَّ حياة الإنسان كُلَّها بِيد القدر ولن يستطيع التخلُّص منها، وفي نهاية المطاف لن يصل إلَّا للموت كما مات من سبقه من الخلق، فلم يعد يرى في الحياة تفاؤلًا لِعجزه عن تذوُّق جمالها وبهجتها بِعينيه. وقد نفى أُدباءُ وباحثون آخرون هذه التُهمة عن أبي العلاء.

تعدَّدت آراء الباحثين والدارسين والمُؤرِّخين بِخُصُوص إيمان أو إلحاد أبي العلاء، فمنهم من يقول إنَّه كان زنديقًا مُلحدًا، ومنهم من يقول إنَّه كان مُسلماً على غايةٍ من الدين. العديد من المصادر الأجنبيَّة، بعضها مما كتبه المُستشرقون، تُؤكِّد أنَّ أبا العلاء كان ناقدًا لِلأديان عامَّةً، لا يُفاضلُ بين اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام والمجوسيَّة، وأنَّهُ كان رُبُوبيًّا. وقال بعضُ العُلماء المُسلمين مثل الإمام ابن كثير في البداية والنهاية، والإمام ابن الجوزي، أنَّ أبا العلاء كان زنديقًا حاقدًا على الإسلام، وأيَّد هذا الرأي عُلماءُ مُعاصرون مثل الشيخ عائض القرني. ودافع عُلماءُ آخرون عن أبي العلاء قائلين أنَّهُ كان سليم العقيدة، منهم على سبيل المِثال الحافظ السِلَفي، والإمام الذهبي، وقال آخرون مثل ابن الوردي أنَّ المعرِّي كان في بدايته زنديقًا فعلًا ثُمَّ تاب ورجع إلى الإسلام في آخر عُمره. ومن المُعاصرين المُدافعين عن صحَّة عقيدة أبي العلاء: محمود مُحمَّد شاكر وعبد العزيز الميمني وبنت الشاطئ، وغيرهم.

ترك أبو العلاء خلفه دواوينَ شعرية منها: سقط الزند، ولُزُوم ما لا يلزم المعروف بِـ«اللُزوميَّات». وقد تُرجم كثيرٌ من شعره إلى غير العربيَّة. وأمَّا كُتُبه فكثيرة، لعلَّ أهمُّها رسالة الغُفران.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←