إتقان موضوع آل جحنون (يافع)

ال جحنون هي إحدى قرى عزلة لبعوس بمديرية يافع التابعة لمحافظة لحج، بلغ تعداد سكانها 98 نسمة حسب تعداد اليمن لعام 2004.

تتراءى اليوم كقرية هامسة في عزلة لبعوس بمديرية يافع، محافظة لحج، حيث أحصى القدر الباقين منهم بـ 98 نسمة فقط في تعداد عام 2004، ليُعلن الرقم صراحة عن نهاية فصل وبداية شتات. ويبقى الأعضاء المتبقون اليوم كشواهد صامتة في وادي ذي ناخب، يرقبون خطى الأجداد.

تُصنّف هذه القبيلة العريقة في ذاكرة السجلات التاريخية ومضامين المراجع البحثية الخاصة، كأحد الفروع البارزة التي انسلّت من رحم جرهوم الضاهرية، تلك القبيلة التي تومئ بعض المصادر إلى جذورها اليهودية السحيقة في عمق التاريخ اليمني.

شهد مطلع القرن الخامس عشر الميلادي، مع بزوغ فجر الدولة الطاهرية، اللحظة الفاصلة لانطلاقهم في رحلة عبور من موطنهم الأولي في بلاد الضاهر (الدريعا)، شمال اليمن، باتجاه يافع. كان هذا الانتقال بمثابة تجديد للعهد مع الأرض، حيث اختاروا الهبوط في جبل اليزيدي، أحد مكاتب يافع السفلى.

في هذا الجبل الوعر، لم يكتفوا بالاستقرار، بل أعلنوا عن وجودهم ببناء قلاع الصمود ورموز السيادة. فاسسواء قرى وشيدوا حصون كحصن النمر في الحجلة ودار النسر في نصباء القلة، لتصبح هذه الصروح إعلانات حجرية عن استملاكهم للزمان والمكان. وامتد ليشمل أراضٍ زراعية مترامية ومدرجات تداعب السحاب، تشمل وديان: الحجلة، حوران، الديام، حاجل، القرنين، النجدين، هربه، والمربى، وكل شبر منها وُثق شرعاً ليبقى شاهداً على قوة البصمة المنحوتة على صخور الجبال وجدران المدرجات والحقول ورمزا للوجود.

وادي تُلُّب ورحلة البحث الأزلي:*

ولأن الوجود لا يعرف الثبات المطلق، دفعتهم نزعة التغيير الأزلي، التي تسكن روح المهاجر، إلى انتقال داخلي ثانٍ نحو وادي تُلُّب. هناك، أعادوا إحياء الأرض واستصلاحها، مخلفين وراءهم حقول واسعة ومدرجات ، والسدود، والمواجل؛ وبقايا معمارية كخرابة الدقة تُخبر عن مجد غابر، وتُشير إلى أنهم كانوا سادة الماء والبناء قبل أن يرحلوا.

العبور الكبير: استجابة للقحط ونداء الأفق الجديد

لم يكن الرحيل الأخير اختياراً للترف، بل كان حتمية وجودية فرضتها قسوة الجغرافيا. فمع اشتداد وطأة القحط والجفاف، تحولت الأرض من مهد للخصب إلى محرض للنزوح. كانت تلك اللحظة التي تفتحت فيها شهيتهم لـ آفاق أخرى، مدفوعين بإدراكهم بأن الفرصة القادمة تستوجب ترك القديم.

فقرروا الرحيل فتوزعت خطوط مصيرهم: عائلة تلو اخرى

* منهم من فضّل العودة إلى المتن الأصلي، فاستقروا مجدداً في بلاد الضاهر و أرض حبان في شبوة.

* الا ان الأغلبية اتجهت أولاً صوب ظفار وصلالة في سلطنة عمان. ومن هذا المعبر الشرقي، تفرقوا في سفر وجودي واسع، لتمتد خطى آل جحنون إلى تركيا وأرمينيا وأذربيجان وقمم جبال القوقاز ملتحقين بمن سبقوهم الى هناك من بني جلدتهم؛ في ذروة ازدهار الدولة العثمانية ، ليصبحوا شهوداً على أن القبيلة ليست مكاناً، بل هي حركة مستمرة في ذاكرة الأرض.

وقليلين منهم فضلوا البقاء في يافع ولا زالوا إلى اليوم يعيشون في جبل اليزيدي ووادي ذي ناخب.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←