تُعتبر حقبة ما بعد الإمبراطورية المرحلةَ الأخيرة من التاريخ الآشوري القديم، والتي تضمّ تاريخ موطن الآشوريين منذ سقوط الإمبراطورية الآشورية الحديثة في العام 609 قبل الميلاد وحتى النهب والتدمير الأخير لمدينة آشور، العاصمة الدينية القديمة لآشور، على يد الساسانيين تقريبًا في العام 240 ميلادية. في ذلك الحين، لم يكن ثمة وجود لدولة آشورية مستقلة، إذ خضعت مدينة آشور وغيرها من المدن الآشورية لسيطرة الإمبراطورية البابلية الحديثة (612–539 قبل الميلاد)، والإمبراطورية الأخمينية (539–330 قبل الميلاد)، والإمبراطورية السلوقية (312 –141 قبل الميلاد تقريبًا)، والإمبراطورية الفرثية (141 قبل الميلاد – 224 ميلادية). اتّسمت تلك الحقبة باستمرارية الدين، والثقافة، والتقاليد الآشورية، على الرغم من عدم وجود مملكة آشورية. ومع ذلك، فبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، انقرضت اللهجة الآشورية القديمة للغة الأكادية، وحلّ محلّها الآرامية.
على إثر سقوط آشور خلال الحرب الميدو بابلية ضد الإمبراطورية الآشورية من 626 حتى 609 قبل الميلاد، تعرّض شمال بلاد ما بين النهرين للنهب والتدمير على نطاق واسع على يد قوات الميديين والبابليين. ولم يُبدِ الملوك البابليون، الذين ضموا معظم، إن لم يكن كل، بلاد آشور عظيمَ اهتمامٍ بتنمية المنطقة اقتصاديًا أو اجتماعيًا، ونتيجةً لذلك، حصل انخفاض شديدٌ في الكثافة السكانية. هُجرت العديد من أعظم مدن العصر الآشوري الجديد، مثل نينوى، في حين انخفض بشكل حادّ حجم وعدد قاطني المدن الأخرى، مثل آشور. لم تشهد المنطقة مرحلة التعافي سوى في ظلّ حكم الإمبراطورية الأخمينية. بعد سقوط بابل في العام 539، أعاد الملك الأخميني كورش الكبير تمثال إله الآشوريين القومي، آشور، إلى مدينة آشور. وأتاح موقف الأخمينيين المتمثل في عدم التدخل في الثقافات المحلية، وتنظيم الأراضي الآشورية في مقاطعة واحدة، آثورا، أتاحَ فرصة استمرارية الثقافة الآشورية.
خلال فترات حُكم السلوقيين والفرثيين، استقرّ العديد من السكان في آشور. وفي القرنين الأخيرين من الحكم الفرثي، ازدهرت آشور؛ إذْ أُعيد توطين وتوسيع كُبرى مدنها القديمة، مثل آشور، ونينوى، ونمرود، وأُعيد بناء القرى القديمة، وأُنشئت مستوطنات جديدة. وصلت الكثافة السكانية في آشور خلال حُكم الفرثيين إلى أرقامَ لم تشهدها منذ الإمبراطورية الآشورية الحديثة. لم تخضع غالبية بلاد آشور لحكم الفرثيين المباشر، إنما عبر سيطرة عدد من الممالك التابعة، مثل مملكتيّ عربايا وحدياب، واللتين حملتا بعض التأثير الثقافي الآشوري. يبدو أن مدينة أشور، والتي بلغت في ذلك الحين على الأقل ثلثيّ حجم المدينة خلال العصر الآشوري الحديث، أصبحت دولة مدينة شبه مستقلة، تحكمها سلالة من أمراء المدن الآشوريين والذين ربّما رأوا في أنفسهم خلفاءَ الملوك الآشوريين القدماء. انتهى ذلك العصر الذهبي للثقافة الآشورية عندما أطاح أردشير الأول، مؤسس الإمبراطورية الساسانية، بحكم الفرثيين، وخلال حملاته ضدهم، نهَب آشور ومدنها بصورة واسعة.